نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين جلد : 1 صفحه : 151
اندثر واختفى وقسم آخر توزع هنا وهناك بنحو يتطلب جمعه في مكان واحد جهودا ضخمة كبيرة ووقتا هائلا طويلا ومن بين الأعمال المنوذجية لكمال الملك التي وصلت إلينا : لوحة « آبشار دو قلو » موقعة بإمضاء ( نقاشباشي ) يعود تاريخ إنجازها إلى سنة ( 1302 ه ) ، لوحة قصر ( گلستان ) وقد أنجزت سنة ( 1303 ه ) ، منظر قرية ( أمامية ) أنجزها في ( سنة 1304 ه ) ، منظر حديقة ( باغشاه ) أنجزت في ( سنة 1306 ه ) ومنظر لوادي ( زانوس ) من بعيد وقد أنجزت في سنة ( 1306 ه ) أيضا . أما لوحة ( المخيمات الحكومية ) التي أنجزت سنة ( 1299 ه ) فهي تعد من بين أقدم الآثار التي بلغتنا من تلك المرحلة التي كان يوقع كمال الملك لوحاته بإمضاء ( نقاشباشي ) وهي موجودة الآن ضمن مجموعة بمكتبة مجلس الصيانة . ويستنتج من خلال عناوين اللوحات المذكورة أن كمال الملك قلما أعطى المناسبات والموضوعات الإنسانية اهتمامه وعنايته فنجد أن لوحاته أما أن تكون حاكية عن الطبيعة وجمالها الفياض حيث يبدو فيها انعكاس النفحات الشاعرية التي تتجلى في لمسات فنية معبرة عن الهامات عاطفية ، أو أن تكون تلك اللوحات متضمنة لمباني الدولة وأماكنها . كما أن عناصر لوحاته وسبكها الخاص تأتي فاقدة للروح والحركة والإبداع الذي يمنح العمل الفني أملا بالخلود والحكاية عن أصالته . ورغم أن لوحاته ممتعة للذوق والنظر ومثيرة لعاطفة المشاهد الا أن عمل الرسم المبذول في هذه اللوحات لا يعدو أن يكون مماثلا للتصوير الآلي حيث الصور الجامدة والبسيطة والسطحية التي تقل فيها اللمسات الفنية الخلافة الصادرة عن بديهة الفنانين وقريحتهم ، كما يلاحظ فيها عدم الانسجام بين موضوعات اللوحات وعناصرها وبين أحاسيس الفنان ومشاعره ، وإن وجد مثل ذلك فإنه يتوقف في حدود السطح ولا يمتد إلى الأعماق الخلاقة ، سوى بعض الاستثناءات القليلة التي نجد فيها الاندماج والانسجام الكلي للفنان وعواطفه وروحه مع لوحاته المرسومة على أن التقنية العالية الملحوظة في تلك الأعمال واللوحات وتطوراتها كانت تنبئ عن مستقبل مزدهر للفنان ، حيث يشاهد تحسن الإنتاج وتصاعد وتيرته الفنية لوحة بعد لوحة ، كما يبدو فيه المنحى التكاملي الذي يتسلقه . تعد لوحة ( تالار آيينه ) معلما لمرحلة جديدة للرسم الايراني فقد أحدثت هزة حقيقية في بنيان مدرسة الفن القاجاري الذي كان يعتمد أساسا على رسوم المينة التقليدية ويغوص في الجمود على الأساليب القديمة وتقليدها واتباعها . أما الطريق الفني الذي سلكه كمال الملك حتى آخر عمره فقد كان استمرارا وتطورا لأسلوبه الفني الذي انتهجه في لوحة ( تالار آيينه ) ، وضمن هذا السياق أيضا فقد عد كمال الملك وأسلوبه نقطة انعطاف في الحركة الفنية حيث يمثل نهاية مرحلة للفن التقليدي وبداية مرحلة لتيار فني آخر متأثر بالفن الغربي إلى حدود بعيدة . ورغم أن التأثر بالفن الغربي يعود تاريخه إلى أزمان بعيدة إلا أنه كان من المستحيل بنحو من الأنحاء أن يتسلل تأثير الفن الغربي - في أعمال الفنانين الذين سبقوه - داخل التقاليد الأصلية للفن الايراني ، أما في أعمال كمال الملك ولوحاته فقد صارت القيم الفنية الإيرانية تذوي وتختفي لتحل محلها القيم والمعايير الأساسية للفن الكلاسيكي الأوربي . إن هذا التطور الذي كسر التقاليد الفنية وخرج عن مالوفها تحول ليصير بذاته تقليدا وأسلوبا جديدا للفن الايراني الذي اندفع على أساسه في مسيرة النهضة والازدهار . ولم يكن هذا التطور وليد صدفة أو نتيجة حدث طارئ بل أنه ياتي ضمن سياق التطور والتحول العالم الذي طال كافة الأسس والعلاقات الاجتماعية والمعابير الإنسانية للمجتمع الايراني وأثر في حركة الرشد للخلايا والمكونات والأنسجة التي تؤلف كيانه العام ، فقد مضت مدة من الزمن شهد البنيان القديم للمجتمع الايراني جملة من التطورات وتعرض لعدة هزات أوجدتها الاصلاحات الاجتماعية التي جاء بها ( أمير كبير ) وجعلت المجتمع الايراني في حالة غليان واضطراب مستمرة . ومع اقتراب وقت انفجار ثورة المشروطة فان القوالب القديمة والقيم البالية العتيقة كانت تزداد عجزا في استيعاب المتطلبات الجديدة والمضامين الحية لحركة المجتمع ، ولذا فقد سيطرت حالة القلق وعدم الاستقرار في المجتمع ، وازدادت الحاجة إلحاحا إلى التجديد والتحول الذي ينهض إلى مستوى تلبية الاحتياجات المتطورة والتعاطي مع المتغيرات المتسارعة في ايران والعالم . ان كل تلك الضرورات والمعطيات انعكست وتجلت بوضوح في الميدان الثقافي والفني . وفي هذه المرحلة نشاهد أن فن الرسم يلتفت إلى الموضوعات الإنسانية ضمن حدود معينة ، فنجد ذلك مثلا في لوحة تصور أحد المصريين وقد أنجزت بعد لوحة ( تالار آيينه ) أما قبل زمن إنجاز هذه اللوحة فثمة لوحة « الصيادون » و « الشحاذتان » . أما آخر عمل انجزه كمال الملك يحمل إمضاء « النقاشباشي » فهو لوحة ( الفوال ) سنة ( 1309 ه ) وهي تعد أرقى عمل قدمه كمال الملك إلى ذلك الوقت حيث تبرز قدرته على الاستيحاء من الطبيعة وضلوعه في استخدام الألوان فقد رسمت شخصيات اللوحة بنحو جيد من حيث الترابط المنطقي والانسجام فيما بينها . وقد عرضت هذه اللوحة لاحقا في أحد معارض الرسم في باريس واختيرت من بين كل اللوحات المعروضة كأفضل عمل فني فنالت الجائزة الأولى . في سنة 1301 تزوج كمال الملك وهو في سن السابعة والثلاثين ورزق بنتا وثلاثة أولاد هم : نصرت خانم ، معز الدين خان ، حسن قلي خان ، وحيدر قلي خان ، وقد كان له أخ يدعى أبا تراب يكبره بثلاث سنوات وكان رساما أيضا تعود إليه تلك الرسوم واللوحات المنشورة في صحيفة ( شرف وشرافت ) والتي تحمل إمضاء ( أبو تراب ) . المرحلة الثانية لقد فتحت أوربا عالما جديدا أمام كمال الملك واستفاد من احتكاكه وصداقاته لكبار الفنانين حيث اكتسب المزيد من التجارب واتسع مدى أفقه الفني واتيح له أن يطل على دنيا واسعة أكبر من أن توصف وخلال رحلة بحثه في فن الرسم وعلومه استطاع كمال الملك أن يزور كل متاحف أوربا وضمن تلك الرحلة فتن ب ( رامبراند ) رسام القرن السابع عشر ، لقد لاحظ كمال الملك في أعمال هذا النابغة الهولندي آثارا وعلامات للعرفان الشرقي فانجذب نحوها بشدة ، وكان يقول : « تكمن في لوحات رامبراند وتيسين القوة والروح والفن » . لقد تعلم كمال الملك علوم الرسم من مطالعاته لآثار رامبرند ، نيسين ، رافائيل ، روبنس ، انديك وليونارد ودافينشي : وكانت تتم دراساته تلك وتعلمه لفنونهم من خلال استنساخه لأعمالهم وتجزئتها بحضور الرسامين الكبار لتلك المرحلة في أوربا . فقد درس كمال الملك لوحة سان ماتيورا في متحف اللوفر بباريس ، كما
151
نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين جلد : 1 صفحه : 151