نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين جلد : 1 صفحه : 131
هذه الظروف اسهمت بقوة في فرض اختيار الكميت فشب وهو يعتقد مذهبا دينيا وسياسيا واجتماعيا . . وراح يدعو له بعد أن تهيأ للأمر كأفضل ما يكون ، ونلمس هذا من خلال الأخبار التالية : - يقول صاحب الخزانة : « قال بعضهم : في الكميت خصال لم تكن في شاعر ، كان خطيب بني أسد وفقيه الشيعة وحافظ القرآن وكان ثبت الجنان وكان كاتبا وكان نسابة وكان جدليا » . - هذه الصفات يفصلها أبو الفرج في اخبار متفرقة فنعلم أنه « كان شاعرا مقدما عالما بلغات العرب ، خبيرا بأيامها ، وأنه كان راوية للشعر وللحديث » . وبلغ من مقدرته أنه كان يحفظ شعر نصيب أكثر منه ، وأنه تنازع وحماد الراوية العلم بأيام العرب ورواية الشعر فأفحمه ، وأنه كان عالما بالنجوم وقد مارس التعليم في جامع الكوفة الكبير . وهذه الإمكانات والمهارات ، كانت تترافق مع صفات كان يتحلى بها الشاعر تجل وتحترم . وليس سهلا على إنسان عادي أن يصادق رجلا يختلف عنه مذهبا وعصبية . . . أما الكميت ، فقد كان يصادق الطرماح رغم بعد المسافة بينهما ، إنه نوع من الارتفاع بالنفس الإنسانية . كما أن الشاعر كان مؤمنا يخاف الله لدرجة أن يندم على هجائه لبني كلب . ويقول : « فعممتهن بالفجور والله ما خرجت بليل قط إلا خشيت أن أرمى بنجوم السماء لذلك » وكان مخلصا لمذهبه . « إذ أظهر ما كتم العباد من الحق وجاد حين ضن الناس » دون أن يشاء مقابلا لذلك إلا الثياب تبركا . الحق أن الكميت كان شاعر المعارضة أو داعيتها . وقد جهد في أن يحتل موقعه عن جدارة ، وهو بهذا الجهد أصبح الرجل الملم بكل معطيات عصره السياسية والثقافية . بكل ما تعنيه هاتين الكلمتين ، والرجل المخلص العامل بكل ما يستطيع على نشر مذهبه . < فهرس الموضوعات > الظلم والتشويه < / فهرس الموضوعات > الظلم والتشويه رغم هذا لم يقدر للكميت أن ينجو من ظلم وتشويه نالا من أمثاله من الشعراء ، فهو عندهم أصم ، برغم أنه كان معلم أولاد وطالب غريب . . . هذا قليل بالنسبة إلى مظاهر أخرى للظلم والتجني نلمسها في ما يلي : أهمل ابن سلام الشاعر ولم يتحدث عنه كما تحدث عن غيره من الشعراء ، ولم يعامله الأصمعي بالمقياس نفسه الذي عامل به ابن أبي ربيعة وآخرين من المولدين . قال الأصمعي : « الكميت بن زيد ليس بحجة لأنه مولد وكذلك الطرماح . . » وقال : « وعمر بن أبي ربيعة مولد وهو حجة . سمعت أبا عمرو بن العلاء يحتج في النحو بشعره ويقول هو حجة . وفضالة بن شريك الأسدي وعبد الله بن الزبير الأسدي وابن الرقيات هؤلاء مولدون وشعرهم حجة . . . » . ومما يجدر ذكره ان الحكم ب « الحجة » كان امرا مهما جدا لرواية الشعر والاهتمام والاستشهاد به أيضا . المفضل كان يقول : « لا يعتد بالكميت في الشعر وقال : أنشدني أي معنى له حتى آتيك به من أشعار العرب » . وابن قتيبة يقول عنه : « . . . فإنه يتشيع وينحرف عن بني أمية بالرأي والهوى ، وشعره في بني أمية أجود من شعره في الطالبيين ، ولا أرى علة ذلك إلا قوة أسباب الطمع وإيثار عاجل الدنيا على آجل الآخرة » . والجاحظ يصفه فيقول : « الكميت كان شيعيا من الغالية » ويصف شعره في مديح الرسول بأنه من الحمق كقوله : < شعر > « إليك يا خير من تضمنت الأرض وإن عاب قولي العيب » < / شعر > . ونقل المرزباني في موشحه هذا الرأي فقال : « ولا يعيب قوله في وصف النبي ص إلا كافر بالله مشرك » . وعابوا عليه أخذه من الشعر العربي القديم واستفادته من القرآن حتى أن ابن كناسة حاول أن يضع مؤلفا في سرقاته من القرآن وغير القرآن . أما عن تأثير شعره فيقول أحمد الهاشمي : « لشعره من التأثير السياسي والمذهبي أثر سيء شتت شمل الوحدة العربية » . هذه عينات لآراء ومواقف سببها ، كما يرى د . ن . القاضي بحق ، أن هؤلاء كانوا متاثرين في أحكامهم بأمرين اساسيين الأول مذهب الشاعر الديني والسياسي والثاني اتجاه شعره المخالف للقدماء ، إذ طبقوا عليه مقاييسهم المتعارف عليها في المدح والهجاء ، في حين كان شعر الكميت يفترض نظرة خاصة جديدة لشعر خاص بصاحبه جديد . وربما كان هذا الرأي للقدماء : « الكميت ، وكان يعتمد إدخال الغريب في شعره وله في آل البيت الأشعار المشهورة ، وهي أجود شعره » . أقرب الآراء إلى الحقيقة . وإن كانت مواقف القدماء تجد تفسيرا لها في التعصب المذهبي دينا وفنا ، أو في الخوف من « السلطان » ، فما هو تفسيرنا لرأي الدكتور شوقي ضيف التالي : . . . ومعنى ذلك أن قصيدته المذهبة كتبت لخدمة الشيعة عن طريق تشتيت الجماعة الإسلامية وبث الفرقة بينها ، أكانت الجماعة الإسلامية تنتظر مذهبة الكميت كي تتفرق ! ألم تكن « الاستراتيجية » الأموية قائمة على رد الناس إلى أنسابهم ؟ أي على التمزيق القبلي ، ألم نر نماذج من هذه السياسة في الفصول السابقة ؟ أيحتاج الدكتور إلى التذكير بنقائض العصر الأموي ! ؟ والتي رأينا أن « السلطان » الأموي كان يتبناها . ثم أن مذهبة الكميت أتت انعكاسا لواقع كان مستفحلا ، وكان في الوقت نفسه السبب في فشل ثورة اسلامية ، هذا الفشل وملابساته جعلا الكميت يستجيب لرجاء عشيرته ويجيب شاعرا طالما هجا قومه وأفحش وما كان يجيبه لأنه كان مهتما بأمور أخطر ، ولكن الواقع هذا ، والذي كان نتيجة للتطور الذي ساق الأمويون إليه الجماعة الإسلامية ، أضاع أموره وجره إلى المستنقع الذي سرعان ما خرج منه وندم على الارتماء فيه ردحا بسيطا من الزمن . < فهرس الموضوعات > الجديد في شعر الكميت وليد تجربته الخاصة < / فهرس الموضوعات > الجديد في شعر الكميت وليد تجربته الخاصة كان شعر الكميت تعبيرا عن موقف املاه عليه موقعه ، وكان يريد منه تادية مهمة منوطة به . وكان من الضروري أن يتأثر هذا التعبير بشروط تتعلق بالنشر والمنافسة والاقناع والتعبئة النفسية ، عبر استخدام وسائل خاصة . وقد لاحظ معظم من درس شعر الكميت تميز شعره ، فوصفه القدماء بالخطب . « جاء حماد الراوية إلى الكميت فقال : اكتبني شعرك : قال : أنت لحان ولا اكتبك شعري » . . . فقال له : « وأنت شاعر ؟ انما شعرك خطب » . وقال بشار : « الكميت خطيب وليس بشاعر » . وقال الجاحظ : « ومن الخطباء الشعراء الكميت بن زيد الأسدي وكنيته أبو المستهل » . وقال : « ان للخطبة صعداء وهي على ذي اللب أرمى ، الكميت وكان خطيبا » . والدكتور عبد القادر القط يرى في شعر الكميت ما يلي : والحق أن ما يبدو جدلا سياسيا في مثل هذه الأبيات هو في حقيقته ألصق بما يمكن أن نسميه
131
نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين جلد : 1 صفحه : 131