نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 361
قال إبراهيم : فاندفع فغناه ، فأمسكنا جميعاً مُتعجبين من جراءة مِثله على الغناء بحضرتنا في صوت قد قصرنا فيه عن مراد الخليفة ، قال إبراهيم : فلما فرغ منه سمعت الرشيد يقول وقد رفع صوته يا مسكين أعده . فأعاده بقوة ونشاط واجتماع قلب ، فأحسن فيه كل الإحسان ، فقال الرشيد : أحسنت والله يا مسكين وأجملت ، ورفعت الستارة بيننا وبينه . قال مسكين : يا أمير المؤمنين إن لهذا الصوت خبراً عجيباً ، قال : وما هو ؟ قال : كنت عبداً خيَّاطاً لبعض آل الزبير ، وكان لمولاي عليَّ ضريبة أدفع إليه كل يوم درهمين فإذا دفعت ضريبتي تصرفت في حوائجي ، وكنت مولعاً بالغناء محباً له فخِطْتُ يوماً قميصاً لبعض الطالبيِّين ، فدفع إليّ درهمين وتغديت عنده وسقاني أقداحاً ، فخرجت وأنا جذلان ، فلقيتني سوداء على رقبتها جَرَّة وهي تغني هذا الصوت ، فأذهلني عن كل مهم ، وأنساني كل حاجة ، فقلت : بصاحب هذا القبر والمنبر إلا ألقيت على هذا الصوت ، فقالت : وحق صاحب هذا القبر والمنبر لا ألقيته عليك إلا بدرهمين ، فأخرجت والله يا أمير المؤمنين الدرهمين فدفعتهما إليها ، فأنزلت الجرة عن عاتقها واندفعت ، فما زالت تردده حتى كأنه مكتوب في صدري ، ثم انصرفتُ الى مولاي ، فقال لي : هلمَّ خراجك ، فقلت : كان وكان ، فقال : يا ابن اللخناء ، ألم أتقدم إليك أني لا أقبل لك عذراً في حبة تكسرها ؟ وبَطَحَني وضربني خمسين جريدة بأشد ضرب يكون وحلق لحيتي ورأسي ، فبتُّ يا أمير المؤمنين من أسوأ خلق الله حالًا ، وأنسيت الصوت مما نالني ، فلما أصبحت غدوت نحو الموضع الذي لقيتها فيه ، وبقيت متحيراً لا أعرف اسمها ولا منزلها ، إذ نظرت بها مقبلة ، فأنسيت كل ما نالني وملت إليها ، فقالت : أنسيت الصوت ورَبِّ الكعبة ، فقلت : الأمر كما ذكرت ، وعرفتها ما مر بي من حلق الرأس واللحية ، فقالت : وحق القبر ومن فيه لا فعلت إلا بدرهمين ، فأخرجت جلمي ورهنته على درهمين ، فدفعتهما إليها ، فأنزلت الجرة عن
361
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 361