نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 299
سوط ، وسأله عن ابني أخيه محمد وإبراهيم ، فأنكر أن يعرف مكانهما ، فسألت جدته العثماني في ذلك الوقت ، وارتحل المنصور عن الربذة وهو في قبة ، وأوهن القوم بالجهد [1] ، فحملوا على المحامل المكشوفة ، فمر بهم المنصور في قبته على الجمازة فصاح به عبد الله بن الحسن : يا أبا جعفر ما ما هكذا فعلنا بكم يوم بدر ، فصيرهم الى الكوفة ، وحبسوا في سرداب تحت الأرض لا يفرقون بين ضياء النهار وسواد الليل ، وخَلَّى منهم سليمان وعبد الله ابْني داود بن الحسن بن الحسن وموسى بن عبد الله بن الحسن والحسن بن جعفر ، وحبس الآخرين ممن ذكرناهم حتى ماتوا ، وذلك على شاطئ الفرات بالقرب من قنطرة الكوفة ، ومواضعهم بالكوفة تُزار في هذا الوقت ، وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة ، وكان قد هدم عليهم الموضع ، وكانوا يتوضئون في مواضعهم ، فاشتدت عليهم الرائحة ، فاحتال بعضُ مواليهم حتى أدخل اليهم شيئاً من الغالية فكانوا يدفعون بشمها تلك الروائح المنتنة ، وكان الورم يبدو في أقدامهم فلا يزال يرتفع حتى يبلغ الفؤاد فيموت صاحبه . وذكر من وجه آخر أنهم لما حبسوا في هذا الموضع أشكل عليهم أوقات الصلاة فجزَّأوا القرآن خمسة أجزاء ، فكانوا يصلون الصلاة على فراغ كل واحدٍ منهم من حزبه ، وكان عدد من بقي منهم خمسة ، فمات اسماعيل بن الحسن ، فترك عندهم حتى جَيَّفَ ، فصعق داود بن الحسن فمات ، وأتي برأس إبراهيم بن عبد الله فوجه به المنصور مع الربيع إليهم ، فوضع الرأس بين أيديهم وعبد الله يصلي فقال له إدريس أخوه : أسرع في صلاتك يا أبا محمد ، فالتفت إليه وأخذ الرأس فوضعه في حجره وقال له : أهلًا وسهلًا يا أبا القاسم ، والله لقد كنت - ما علمتُكَ - من الذين قال الله عز وجل فيهم : ( الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ، والذين يَصِلون ما أمر الله به أن يوصل ) - الى آخر الآية فقال له الربيع : كيف أبو القاسم في نفسه ؟