responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي    جلد : 2  صفحه : 162


الى آخرها لا تواجهه الشمس ولا تعارضه ، لاستتار الأرض بالعمارة الشجرية ، واستيلائها عليها ، وإحاطتها بها ، وكان أهلها في أطيب عيش وأرفَهِه ، وأهنأ حال ، وأرغد قرى ، وفي نهاية الخصب ، وطيب الهواء ، وصفاء الفضاء ، وتدفق الماء ، وقوة الشوكة ، واجتماع الكلمة ، ونهاية المملكة ، وكانت بلادهم في الارض مثلا ، وكانوا على طريقة حسنة من اتباع شريف الأخلاق ، وطلاب الإفضال على القاصد والسفر [1] بحسب الإمكان وما توجبه القدرة من الحال ، فمكثوا على ما شاء الله من الاعصار ، لا يعاندهم ملك الا قصَموه ، ولا يوافيهم جبَّار في جيش إلا كسروه ، فذلت لهم البلاد ، وأذعَنَ لطاعتهم العباد ، فصاروا تاج الارض . وكانت المياه التي هي اكثر ما يرد الى أرض سبأ تظهر من مخراق من الحجر الصَّلْد والحديد من ذلك السد والجبال ، طول المخراق فيما وصفنا فرسخ ، وكان وراء السد والجبال أنهار عظام ، وكان في هذا المخراق الآخذ من تلك الانهار ثلاثون نَقْباً مستديرة في استدارة الذراع طولًا وعرضاً مدورة على أحسن هندسة وأكمل تقدير ، وكانت المياه تخرج من تلك الانقاب في مجاريها حتى تأتي الجنان فترويها سقياً ، وتعم شرب القوم ، وقد كانت أرض سبأ قبل ما وصفنا من العمارة والخصب يركبها السيل من تلك المياه ، وكان ملك القوم في ذلك الزمان يقرّب الحكماء ، ويدنيهم ، ويؤثرهم ، ويحسن اليهم ، فجمعهم من أقطار الارض للالتجاء الى رأيهم ، والأخذ من محض عقولهم ، فشاورهم في دفع ذلك السيل وحصره ، وذلك أنه كان ينحدر من أعالي الجبل هابطاً على رأسه حتى يهلك الزرع ويسوق من حملته البناء [2] ، فأجمع القوم رأيهم على عمل مصارف له الى براري تقذف به الى البحر ، وأخبروا الملك ان الماء إذا حفرت المصارف



[1] في نسخة : على القاعد والسافر .
[2] في نسخة : ويسوق في جفائه البناء .

162

نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي    جلد : 2  صفحه : 162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست