نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 9
اسم كاتب مشهور معروف بضخامة انتجه ، وينتقص من شهرته ، مثل حكم متعجّل على اثره عامة من خلال الحكم على بعض هذا الأثر أو على جزء منه . فكتاب « التنبيه والاشراف ، الذي رأى فيه كريمر « أنشودة ألتم » ليس بالفعل سوى مختصر وجيز ، جامد جاف ، اذ انه سرد ممل لا مرح فيه ولا حياة ، لأسماء ومسميات وتواريخ تنفر العين من قراءتها نفورها من كشّاف أو فهرس تراصفت فيه الأسماء وتتالت بسأم . ولكن اذا ما قارناه ب « مروج الذهب » وعارضنا هذا بذاك ، اكتسب الأول قيمة لم تكن لنتوقعها له . فالحوادث التي تخفيها الظلال لا تلبث ان تبرز بوضوح ، والصور الناصلة تأخذ بالحركة وتمور بالحياة ، فتنط للعين أشياء وأشياء كانت رميماً ، فجاءت المقارنة المزدوجة تنفض عنها الجمود والخفوت وتبعثها حية متحركة . والشيء الذي لا مراء فيه هو ان كناب « مروج الذهب » يفيد ، هو الآخر ، فائدة كبرى لو امكنت معارضته ومقارنته بأثر آخر من نوعه لو لم يبخل الزمن بالعناصر التي تنهض بكل مقارنة ولا تستقيم بدونها أية معارضة . والمعروف أن كتاب « التاريخ في أخبار الأمم من العرب والعجم » و « الكتاب الوسط » الذي اوجز فيه كتابه الأول ووضعه ذيلاً له وتتمة ، هو خير نموذج للثقافة والعلم اللذين استبحرا في القرن الرابع الهجري من تاريخ العالم الاسلامي . الا ان ضخامة هذين الأثرين واتساع مطلبهما ورحابة مداهما ، جعل من تضعيفهما بالنسخ والتكثير عملية شاقة مبهظة حتى في عهد المؤلف . فرأى من الضرورة له ومن المنفعة للجميع ان يلخصهما ويخثّر ما فيهما من دفق المعلومات والفوائد ، في كتاب واحد يقصره على القضايا العامة بشيء من التبسط والاستطراد ، فيه اشباع لفضول القارئ العادي ، دون ان يعفي العالم والباحث المتقصّي من الرجوع الى مطولاته الأخرى ، اذا ما رغب في التزايد والتوسع والاستبحار وهذه الخاطرة أو الفكرة بالذات هي التي أوحت اليه بوضع كتابه : « مروج الذهب » وأخذ بتنفيذها بكل همة ونشاط ، عام 332 ، وهو تاريخ يحلو له ان يردده ويكثر من الاشارة اليه والتنويه به ، في كل مناسبة ، بشيء من الرضى والزهو ، اذ لم يحتج لأكثر من سنة واحدة لوضع هذا الكتاب في نسخته أو صورته الأولى ، وهي
9
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 9