نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 432
الفيلة على أثر ذلك ، فلما نظرت البغلة إلى الفيلة وعظم خلقها لحقت بالجمال ودخلت بينها كأنها لم تزل معها وتزلزلت كتزلزل الجمال ، إذ رآني جماعة من الناس ، فرفعوني [1] ، ودخل الغلام فأخرج البغلة ، وما استطاع إخراجها حتى مضت الفيلة ، وأخرجت في وسط بعض الجمال ، فو الله ما نفرت بعد ذلك من جمل ، ولقد ألفت الجمال حتى كأنها بعضها ، لاستصغارها صورة الجمل عند ما شاهدت من عظم صورة الفيل وكل حيوان ذي لسان فأصل لسانه إلى داخل ، وطرفه إلى خارج ، إلا الفيل ، فإن طرف لسانه إلى داخل وأصله إلى خارج ، والهند تزعم أنه لو لا أن لسانه مقلوب ثم لقن الكلام لتكلم ، والهند تشرِّفُ الفيل وتفضله على سائر الحيوان ، لما اجتمع فيه من الخصال المحمودة : من علو سمكه ، وعظم صورته ، وبديع منظره ، واتصال صَهْوَته [2] ، وطول خرطومه ، وسعة أذنه ، وكبر غرموله ، مع خفة وطئه ، وطول عمره ، وثقل جسمه ، وقلة اكتراثه بما وضع على ظهره ، وأنه - مع كبر هذا الجسم وعظم هذه الصورة - يمر بالإنسان فلا يحس بوطئه ، ولا يشعر به حتى يغشاه لحسن خطوته واستقامة مشيه . وقد وصف عمرو بن بحر الجاحظ الفيل في كتاب الحيوان فاغرق في وصفه ، وأكثر في مدحه ، وعدد معاني [3] كثيرة في صفة الفيل وهيئته ، وما هو عليه من عجيب التركيب وغريب التأليف ،
[1] في بعض النسخ : فعرفوني . [2] في بعض النسخ : وتضاؤل صوته . [3] في بعض النسخ : ووعد ايراد معان .
432
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 432