نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 236
ما فيه ، فنقف على الغاية مِنه ، وأداء ما في مخزونه ومَكنونه ، فدعا بالأكَرَةِ وأمرهم بزرع الحب ومراعاته ، وما يكون منه ، فزرع ، فنبت وأقبل يلتف بالشجر ثم حصرم وأعنب ، وهم يرمقونه ، والملك يراعيه ، إلى أن انتهى في البلوغ وهم لا يقدمون على ذوقه خوفاً أن يكون متلفاً ، فأمر الملك بعصر مائه ، وأن يودع في أواني ، وإفراد حب منه وتركه على حالته ، فلما صار في الآنية عصيراً هَدَرَ وقذف بالزبد وفاحت له روائح عبقة ، فقال الملك : عليَّ بشيخ كبيرم فان فأتي به ، فلدد له من ذلك في إناء فرآه لوناً عجيباً ، ومنظراً كاملًا ، ولوناً ياقوتياً أحمر ، وشعاعاً نيراً ، ثم سقوا الشيخ فما شرب ثلاثاً حتى مال ، وأرخى من مآزره الفضول ، وصفق بيديه ، وحرك رأسه ، ووقع برجليه على الأرض ، فطرب ، ورفع عقيرته يتغنى ، فقال الملك : هذا شراب يذهب بالعقل ، وأخاف أن يكون قاتلًا ، ألا ترى إلى الشيخ كيف عاد في حال الصبا وسلطان الدم وقوة الشباب ؟ ثم أمر الملك به فزيد ، فسكر الشيخ ، فنام ، فقال الملك : هلك ، ثم ان الشيخ أفاق وطلب الزيادة من الشراب ، وقال : لقد شربته فكشف عني الغموم ، وأزال عن ساحتي الأحزان والهموم ، وما أراد الطائر إلا مكافأتكم بهذا الشراب الشريف ، فقال الملك : هذا اشرف شراب اهل الارض ، وذلك انه رأى شيخاً حسن لونه ، وقوي حيله ، وانبسط في نفسه ، وطرب في حال طبيعة الحزن وسلطان البلغم ، وجاد هضمه ، وجاءه النوم ، وصفا لونه ، واعترته أريحية ، فأمر الملك أن يكثر من غرس الكرْم ، فكثر الغرس للكرم ، وأمر ان يمنع العامة من ذلك ، وقال : هذا شراب الملوك ، وأنا السبب فيه ، فلا يشربه غيري ، فاستعمله الملك بقية أيامه ، ثم نما
236
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 236