نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 162
وبعده ملكنا هذا ، ونجده عندنا ملك الناس ، لأنه لا أحد من الملوك أسوس منا ، ولا أضبط لملكه من ضبطنا لملكنا ، ولا رعية من الرعايا أطوع لملكها من رعيتنا ، فنحن ملوك الناس ، ومن بعده ملك السباع وهو ملك الترك الذي يلينا ، وهم سباع الانس ، ومن بعده ملك الفيلة ، وهو ملك الهند ، ونجده عندنا ملك الحكمة أيضاً لأن أصلها منهم ، ومن بعده ملك الروم ، وهو عندنا ملك الرجال ، لأنه ليس في الارض أتم خلقاً من رجاله ، ولا أحسن وجوهاً منهم ، فهؤلاء اعيان الملوك والباقون دونهم . ثم قال للترجمان : قل له : أتعرف صاحبك إن رأيته ؟ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال القرشي : وكيف لي برؤيته وهو عند الله عز وجل ؟ فقال : لم أرد هذا ، وإنما أردت صورته . فقلت : أجل ، فأمَرَ بسَفَط ، فأخرج فوضع بين يديه ، فتناول منه درجاً ، وقال للترجمان : أره صاحبه ، فرأيت في الدرج صور الأنبياء ، فحركت شفتي بالصلاة عليهم ، ولم يكن عندهم أني أعرفهم ، فقال للترجمان : سَله عن تحريكه لشفتيه ، فسألني ، فقلت : أصلي على الأنبياء ، فقال : ومن أين عرفتهم ؟ فقلت : بما صُوِّر من أمورهم ، هذا نوح عليه السلام في السفينة ينجو بمن معه لما أمر الله عز وجل الماء فعمَّ الماء الأرض كلها بمن فيها وسلمه ومن معه ، فقال : أما نوح فصدقت في تسميته ، وأما غرق الأرض كلها فلا نعرفه ، وإنما أخذ الطوفان قطعة من الأرض ولم يصل الى أرضنا ، وإن كان خبركم صحيحاً فعن هذه القطعة ، ونحن معاشر أهل الصين والهند والسند وغيرنا من الطوائف والأمم لا نعرف ما ذكرتم ، ولا نَقَلَ إلينا أسلافنا ما وصفتم ، وما ذكرت من ركوب الماء الأرض كلها فمن الكوائن العظام التي تفزع النفوس إلى حفظه وتتداوله الأمم ناقلة له ، قال القرشي : فَهِبْتُ الرد عليه وإقامة الحجة لعلمي بدَفْعِه ذلك ، ثم قلت : وهذا موسى صلى الله
162
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 162