نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 145
ما فيها من الملوحة ، والذي في الماء من أجزاء النار التي تخرج إليه من بطون الأرض ومن أجزاء النيران المختلطة يرفعان لطائف الماء بارتفاعهما وتبخرهما ، فإذا رفعا اللطائف صار منها ما يشبه المطر ، وكان ذلك دأبهما وعادتهما ، ثم يعود ذلك الماء مالحاً ، لأن الأرض إذا كانت تعطيه الملوحة ، والنيران تخرج منها العذوبة واللطافة ، كان واجباً أن يعود إلى الملوحة ، وكذلك يكون ماء البحر على كيل واحد ووزن واحد ، لأن الحر يرفع اللطيف فيصير طلا وماء ، ثم تعود تلك الأندية سيولا ، وتطلب الحدود والقرار فتطلب الجدول والغيران ، وتجري في أعماق الأرض حتى يصير إلى ذلك الهور ، فليس يضيع من ذلك الماء شيء ، ولا يبطل منه شيء ، والأعيان قائمة كمنجنون غَرَفَ من نهر وصب إلى حفرة تفيض إلى ذلك النهر ، وقد شبه ذلك قوم بأعضاء الحيوان إذا اغتذت وعملت الحرارة في غذائه فاجتذبت منه ماء عَذُبَ إلى الأعضاء المغتذية به ، وخلفت ما ثقل منه وهو المالح والمر ، فمن ذلك البول والعرق ، وهذه فضول الاغذية لا عذب فيها فيها ، ولما كانت عن رطوبات عذبة أحالتها الحرارة إلى المرارة والملوحة ، وإن الحرارة لو زادت أكثر من مقدارها لصار الفضل مراً زائداً على ما يوجد من العرق والبول ، لوجودنا كل محترق مراً . هذا قول جماعة ممن تقدم ، وأما ما يوجد بالعيان وإيقاع المحنة عند المباشرة ، فإن كل الرطوبات ذوات الطعوم إذا صعدت بالقرع والأنابيق بقيت روائحها وطعومها فيما يرتفع منها كالخل والنبيذ والورد والزعفران والقرنفل ، إلا المالحة فإنها تختلف طعومها وروائحها ، ولا سيما إن صعدت مرتين واسخنت مرة بعد أخرى .
145
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 145