نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 144
فناً ، وقد ذكرنا قول كل فريق منهم وعَزَوْنا كل قول من ذلك إلى قائله ، ولم نُخل هذا الكتاب من إيراد لمع من قولهم . وذهبت طائفة منهم إلى ان البحر بقية من الرطوبة الأولى التي جفَّفَ أكثرها جوهر النار ، وما بقي منها استحال لاحتراقه . ومنهم من قال : إن الرطوبة الأولى المجتمعة لما احترقت بدوران الشمس وانعصر الصَّفْوُ منها استحال الباقي الى ملوحة ومرارة . ومنهم من رأى أن البحار عَرَقٌ تعرقه الأرض لما ينالها من احتراق الشمس لاتصال دورها . ومنهم من رأى أن البحر هو ما بقي مما صفَّته الأرض من الرطوبة المائية لغلظ جسمها ، كما يعرض في الماء العذب إذا مزج بالرماد ، فإنه إذا صفا من الرماد وجد مالحاً بعد أن كان عذباً . وذهب آخرون أن الماء عذبه ومالحه كانا ممتزجين ، فالشمس ترفع لطيفه وعذبه لخفته . وبعضهم قال : ترفعه الشمس لتغتذي به ، وقال بعضهم : بل يعود بالاستحالة ماء إذا صار بارتفاعه إلى الموضع الذي يحصره البرد فيه ، ويكيفه . ومنهم من ذكر أن الماء الذي هو أُسْطُقُس ما كان منه عن الهواء وما يعرض منه من البرد يكون حلواً ، وما كان معه في الأرض لما يناله من الاحتراق والحرارة يكون مراً . ومن أهل البحث من قال : إن جميع الماء الذي يفيض إلى البحر من جميع ظهور الأرض وبطونها ، إذا صار إلى تلك الحفرة العظيمة فهو مُضاض من مضاض فالماء عساس مصاص والأرض تقذف اليه
144
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 144