نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 131
سخونة ، ولو كانت الشمس علة مَدّه ، لكان يمد مع بدء طلوع الشمس ، ويجزر مع غيبتها ، فزعم هؤلاء أن علة الجزر والمد في الأبحر تتولد من الأبخرة التي تتولد من بطن الأرض ، فإنها لا تزال تتولد حتى تكثف وتكثر ، فتدفع حينئذ ماء هذا البحر لكثافتها ، فلا تزال كذلك حتى تنقص مواردها من أسفل ، فإذا انقطعت موادها تراجع الماء حينئذ الى قعر البحر ، وكان الجزر من أجل ذلك ، والمدُّ ليلًا ونهاراً ، وشتاء وصيفاً ، وفي غيبة القمر وفي طلوعه ، وكذلك في غيبة الشمس وطلوعها ، قالوا : وهذا يدرك بالحس ، لأنه ليس يستكمل الجزر آخره حتى يبدأ أول المد ، ولا ينقضي آخر المد حتى يبتدئ أول الجزر ، لأنه لا يتغير توالد تلك البخارات ، حتى إذا خرجت تولَّد غيرها مكانها ، وذلك ان البحر إذا غارت مياهه ورجعت الى قعره تولدت تلك الأبخرة لمكان ما يتصل منها من الارض بمائه ، وكلما عاد تولدت ، وكلما فاض نقصت . وذهب آخرون من أهل الديانات أن كل ما لم يعرف له من الطبيعة مجرى ولا يوجد له فيها قياس فهو فعل الإله ، يدل على توحيد الله عز وجل وحكمته ، فليس للمد والجزر علة في الطبيعة البتة ، ولا قياس . وقال آخرون : ما هَيَجَان ماء البحر الا كهيجان بعض الطبائع ، فإنك ترى صاحب الدم وصاحب الصفراء وغيرهما تهتاج طبيعته ثم تسكن ، وكذلك مواد تمدها حالًا بعد حال ، فإذا قويت هاجت ، ثم تسكن قليلًا قليلًا حتى تعود . وذهبت طائفة أخرى الى ابطال سائر ما وصفنا من القول ، وزعموا أن الهواء المطلَّ على البحر يستحيل دائماً ، فإذا استحال عظم ماء البحر وفاض عند ذلك ، وإذا فاض البحر فهو المد ، فعند ذلك
131
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 131