نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 130
وقد تنازع الناس في علة المد والجزر ، فمنهم من ذهب الى أن ذلك من القمر لأنه مجانس للماء ، وهو يسخنه فينبسط ، وشبهوا ذلك بالنار إذا أسخنت ما في القدر وأغْلَتْه ، وإن الماء يكون فيها على قدر النصف أو الثلثين ، فإذا غلا الماء انبسط في القدر وارتفع وتدافع حتى يفور فتتضاعف كميته في الحس ، وينقص في الوزن ، لأن من شرط الحرارة أن تبسط الأجسام ، ومن شرط البرودة أن تضمها ، وذلك أن قعور البحار تحمى فتتولد في أرضها عذوبة وتستحيل وتحمى كما يعرض ذلك في البلاليع والآبار ، فإذا حمي ذلك الماء انبسط ، وإذا انبسط زاد ، وإذا زاد ارتفع ، فدفع كل جزء منه صاحبه ، فطفا على سطحه وبان عن قعره ، فاحتاج الى أكثر من وهدته هدية ، وان القمر إذا امتلأ حمي الجو حمياً شديدا فظهرت زيادة الماء فسمي ذلك المد الشهري ، وأن هذا البحر تحت معدل النهار آخذاً من جهة المشرق الى المغرب ودور الكواكب المتحيرة عليه مع ما يساميه من الكواكب الثابتة إذا كانت المتحيرة في القدر مثل الميل على تجاوزه من الليل على ما يجاوزه ، وإذا زالت عنه كانت منه قريبة فاعلة فيه من أوله الى آخره في كل يوم وليلة ، وهي مع ذلك في الموضع المقابل الحمى ، فقليل ما يعرض فيه من الزيادة ويكون في النهر الذي يعرض فيه المد بيناً من أطرافه وما يصب اليه من سائر المياه . وقالت طائفة أخرى : لو كان الجزر والمد بمنزلة النار إذا أسخنت الماء الذي في القدر وبسطته ، فيطلب أوسع منها ، فيفيض ، حتى إذا خلا قعره من الماء طلب الماء بعد خروجه منه عمق الارض بطبعه ، فيرجع اضطراراً بمنزلة رجوع ما يغلي من الماء في المرجل والقمقم إذا فاض وتتابعت أجزاء النار عليه بالحمى ، لكان في الشمس أشد
130
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 130