نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 456
بلد للمسلمين مما خربت النصرانية ويرده كما كان ، وترجع عن غَزَاتِكَ ، فقام المأمون ودخل خيمة [1] ، فصلى ركعتين ، واستخار الله عز وجل وخرج ، فقال للرسول : قل له ، أما قولك تردُّ علي نفقتي ، فاني سمعت الله تعالى يقول في كتابنا [2] ، حاكياً عن بلقيس : ( وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون ) ، فلما جاء سليمان قال : أتمدونني بمال ؟ فما آتاني الله خير مما آتاكم ، بل أنتم بهديتكم تفرحون وأما قولك : إنك تخرج كل أسير من المسلمين في بلد الروم ، فما في يدك إلا أحد رجلين : إما رجل طلب الله عز وجل والدار الآخرة ، فقد صار إلى ما أراد ، وإما رجل يطلب الدنيا ، فلا فَكَّ الله أسْرَه ، وأما قولك : إنك تعمر كل بلد للمسلمين قد خربته الروم ، فلو أني قلعت أقصى حجر في بلاد الروم ما اعتضت بامرأة عثرت عثرة في حال أسرها ، فقالت : وا محمداه وا محمداه ، عُدْ إلى صاحبك ، فليس بيني وبينه إلا السيف ، يا غلام اضرب الطبل ، فرحل ، فلم ينثن عن غَزَاتِه ، حتى فتح خمسة عشر حصناً ، وانصرف من غزاته ، فنزل على عين البديدون ، المعروفة بالقشيرة على حسب ما قدمنا في هذا الكتاب ، فأقام هنالك حتى ترجع رُسُله من الحصون ، فوقف على العين ومنبع الماء ، فأعجبه بَرْدُ مائها وصفاؤه وبياضه وطيب حسن الموضع وكثرة الخضرة ، فأمر بقطع خشب طوال وأمر به فبسط على العين كالجسر ، وجعل فوقه كالأزج من الخشب طوال وأمر به فبسط على العين كالجسر ، وجعل فوقه كالأزج من الخشب وورق الشجر ، وجلس تحت الكنيسة التي قد عقدت له والماء تحته ، وطرح في الماء درهم صحيح فقرأ كتابته وهو في قرار الماء لصفاء الماء ، ولم يقدر أحد يدخل يده في الماء من شدة بَرْده . علة المأمون وموته : فبينا هو كذلك إذا لاحت سمكة نحو الذراع كأنها سبيكة فضة ، فجعل لمن يخرجها سَبْقاً ، فبدر بعض الفراشين فأخذها وصعد ، فلما صارت على حرف العين أو على الخشب الذي عليه المأمون اضطربت وأفلتت [3] من يد الفراش فوقعت في الماء كالحجر ، فنضح
[1] في نسخة : فدخل الى خيمته . [2] في نسخة : في كتابه العزيز . [3] في نسخة : وانملست من يد الفراش .
456
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 456