نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 266
لسان نبي او خليفة ، وهذه كرامة خُصصْتُ بها فمال إليها ذهني ، وشغل بها فكري ، فلو انقلبت الخضراء على الغبراء ما أحسست بها ، ولا وجمت لها ، الا بما يلزمني من نفسي لأمير المؤمنين أعزه الله تعالى ، فقال له السفاح : لئن بقيت لك لأرفعنَّ منك وضيعاً لا تطيف به السباع ، ولا ينحط عليه العقاب . من النصائح في مخالطة الملوك : وقد قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب وصية عبد الملك للشعبي في فضل الإنصات للملوك . وقد حكي عن عبد الله بن عياش المنتوف أنه قال : لم تتقرب العامة الى الملوك بمثل الطاعة ، ولا العبيد بمثل الخدمة ، ولا البطانة بمثل حسن الاستماع . وقد حكي عن روح بن زنباع الجذامي انه كان يقول : إذا أردت ان يمكنك الملك من اذنه فأمكن اذنك من الإصغاء الى حديثه ، ولا يتعتب الرجل عندي إذا كان يصغي الى حديثه ، ولا يقدح ما قيل فيه في قلبي لما تقدم له من حسن الاستماع عندي . وقد حكي عن معاوية أنه كان يقول : يُغلَب الملك حتى يُرْكَب لشيئين : بالحلم عند سورته ، والإصغاء الى حديثه . ووجدت في سير الملوك من الأعاجم أن شيرَويه بن أبرويز بينا هو في بعض متنزهاته بأرض العراق ، وكان لا يسايره أحد من الناس مبتدئاً ، وأهل المراتب العالية خلف ظهره على مراتبهم ، فإن التفت يميناً دنا منه صاحب الجيش ، وإن التفت شمالًا دنا منه الموبذان ، فأمر من دنا منهما بإحضار من أراد مسامرته ، فالتفت في مسيره هذا يميناً ، فدنا منه صاحب الجيش ، فقال : أين شداد بن جرثمة ؟ فأحضر ، فسايره فقال له شيرويه : أفكَرْتُ في حديث جدنا أردشير بن بابك حين واقع ملك الخزر ، فحدثْني به ان كنت تحفظه ، وكان شداد قد سمع هذا الحديث من أنو شروان ، وعرف المكيدة ، وكيف كان أردشير أوقعها بملك الخزر ، فاستعجم عليه شداد ، وأوهمه أنه
266
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 266