نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 265
في شهادته ، وإذا اصطلح الرجلان لم يقبل شهادة واحد منهما لصاحبه ولا عليه ، ويقول : إن الضغينة القديمة تولد العداوة المُمِضَّة [1] ، وتحمل على إظهار المسالمة ، وتحتها الأفعى التي إذا تمكنت لم تُبقِ . وكان في أول أيامه يَظهر لندمائه ، ثم احتجب عنهم ، وذلك لسنة خلت من ملكه ، لأمر قد ذكرناه فيما سلف من كتبنا ، وكان قعوده من وراء الستارة ، على حسب ما ذكرناه فيما سلف من هذا الكتاب في سيرة أردشير ابن بابك وأيامه . وكان يطرب من وراء الستر ، على حسب ما ذكرنا ، ويصيحُ بالمطرب له من المغنين : أحسنت والله ، أعدْ هذا الصوت . وكان لا ينصرف عنه أحد من ندمائه ولا من مطربيه الا بصلة من مال أو كسوة ، ويقول : لا يكون سرورنا معجلا ، ومكافأة من سرنا وأطربنا مؤجلا ، وقد سبقه الى هذا الفعل ملك من الملوك التي للفرس ، وهو بَهْرام جور . وحضره أبو بكر الهذلي ذات يوم ، والسفاح مقبل عليه يحادثه بحديث لأنوشروان في بعض حروبه بالمشرق مع بعض ملوك الأمم ، فعصفت الريح فأذْرتْ تراباً وقطعاً من الآجر من أعلى السطح الى المجلس ، فجزع من حضر المجلس لوقوع ذلك ، وارتاع له ، والهذلي شاخص نحو أبي العباس لم يتغير كما تغير غيره ، فقال له أبو العباس : لله أنت يا أبا بكر ، لم أر كاليوم ، أما راعك ما راعنا ولا أحسست بما ورد علينا ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ، وإنما جُعل للرجل قلب واحد ، فلما غمره السرور بفائدة أمير المؤمنين لم يكن فيه لحادث مجال ، والله عز وجل إذا أفرد بكرامته أحداً وأحب ان يبقى له ذكرها جعل تلك الكرامة على