نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 2 صفحه : 421
ودخل عليه رجل من أصحابه فقال : كيف أصبحت يا أمير المؤمنين ، قال : أصبحت ضعيفاً مذنباً ، آكل رزقي ، وانتظر أجلي ، قال : وما تقول في الدنيا ؟ قال : وما أقول في دار أولها غم ، وآخرها موت ، من استغنى فيها فتن ، ومن افتقر فيها حزن ، حلالها حساب ، وحرامها عقاب ، قال : فأي الخلق أنعم ؟ قال : أجساد تحت التراب ، قد أمنت من العقاب ، وهي تنتظر الثواب . وصف علي عند معاوية : ودخل ضرار بن ضمرة - وكان من خواص علي - على معاوية وافداً ، فقال له : صف لي علياً ، قال : أعْفِني يا امير المؤمنين ، قال معاوية : لا بد من ذلك ، فقال : أما إذا كان لا بد من ذلك فإنه كان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصْلا ، ويحكم عدلًا ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه ، يعجبه من الطعام ما خشن ، ومن اللباس ما قصر ، وكان والله يجيبنا إذا دعوناه ، ويعطينا إذا سألناه ، وكنا والله - على تقريبه لنا وقربه منا - لا نكلمه هيبة له ، ولا نبتدئه لعظمه في نفوسنا ، يبسم عن ثغر كاللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين ، ويرحم المساكين ، ويطعم في المسْغَبة يتيما ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة ، يكسو العريان ، وينصر اللهفان ، ويستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويأنس بالليل وظلمته ، وكأني به وقد أرخى الليل سدُوله ، وغارت نجومه ، وهو في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ويقول : يا دنيا غري غيري ، ألي تعرضت أم إليَّ تشوفت ؟ هيهات هيهات ! ! لا حان حينك ، قد أبنتك ثلاثاً لا رَجْعة لي فيك ، عمرك قصير ، وعيشك حقير ، وخطرك يسير ، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق . من كلامه : فقال له معاوية : زدني شيئاً من كلامه ، فقال ضرار : كان يقول : أعجب ما في الإنسان قلبه ، وله مواد من الحكمة ،
421
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 2 صفحه : 421