نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 2 صفحه : 420
متى غرتك من نفسها ؟ أبمضاجع آبائك من البلى ؟ أم بمصارع أمهاتك من الثرى ؟ كم قد عللت بكفك ومرضت بيدك من تبغي له الشفاء وتستوصف له الدواء من الأطباء ؟ لم تنفعه بشفائك ، ولم تسعف له بطلبتك ، قد مثلت لك به الدنيا نفسك ، وبمصرعه مصرعك ، غداً لا ينفعك بكاؤك ، ولا يغني عنك احباؤك - ولا تسمع في مدح الدنيا احسن من هذا . ومما حفظ من كلامه في بعض مقاماته في صفة الدنيا أنه قال : الا ان الدنيا قد ارتحلت مدبرة ، وان الآخرة قد دنت مقبلة ، ولهذه أبناء ، ولهذه أبناء ، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، الا وكونوا من الزاهدين في الدنيا ، والراغبين في الاخرة ، ان الزاهدين في الدنيا اتخذوا الأرض بساطاً والتراب فراشاً والماء طيباً ، وقوَّضوا الدنيا تقويضاً ، الا ومن اشتاق الى الجنة سلا عن الشهوات ، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات ، ومن راقب الآخرة سارع في الخيرات ، الا وان لله عباداً كأنهم يرون أهل الجنة في الجنة منعمين مخلدين ، ويرون أهل النار في النار معذبين قلوبهم محزونة ، وشرورهم مأمونة ، أنفسهم عفيفة ، وحاجتهم خفيفة ، صبروا أياماً قليلة فصارت لهم العقبى ، راحة طويلة ، أما الليل فصافُّو أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يجأرون الى ربهم ، ويسعون في فكاك رقابهم ، واما النهار فعلماء حكماء بررة أتقياء ، كأنهم القداح براهم الخوف والعبادة ، ينظر اليهم الناظر فيقول : مرضى ، وما بالقوم من مرض ، ان خولطوا فقد خالطهم امر عظيم من ذكر النار ومن فيها . وقال لابنه الحسن : يا بني ، استغن عمن شئت تكن نظيره ، وسل من شئت تكن حقيره ، واعط من شئت تكن أميره .
420
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 2 صفحه : 420