نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 2 صفحه : 39
ويصيفون في الصرود ، وهي الجبال ، وفي ذلك يقول أبو دلف : < شعر > وإني امرؤ كسْرَويُّ الفعال أصِيفُ الجبالَ وأشْتُو العراقا < / شعر > وذلك لما خص به هذا الإقليم من كثرة مرافقه ، واعتدال أرضه ، وغضارة عيشه ، ومادة الوافدين اليه ، وهما دجلة والفرات ، وعموم الأمن فيه ، وبُعد الخوف عنه [1] ، وتوسطه الأقاليم السبعة ، وقد كانت الأوائل تشبهه من العالم بالقلب من الجسد ، لأن أرضه من إقليم بابل الذي تشعبت الآراء عن أهله بحكمة الأمور كما يقع ذلك عن القلب [2] ، وبذلك اعتدلت ألوان أهله واقتدرت أجسامهم ، فسلموا من شقرة الروم والصقالبة ، وسواد الحبشة ، وغلظ البربر ، ومن جفا من الأمم ، واجتمعت فيهم محاسن جميع الاقطار ، وكما اعتدلوا في الجبِلَّة ، كذلك لطفوا في الفطنة ، والتمسك بمحاسن الأمور ، واشرف هذا الإقليم مدينة السلام ، ويعز عليَّ ما أصارتني اليه الأقدار من فراق هذا المصر الذي عن بقعته فصلنا ، وفي قاعته تجمعنا [3] ، لكنه الزمن الذي من شيمته التشتيت ، والدهر الذي من شروطه الإبانة ولقد أحسن أبو دلف العجلي حيث يقول : < شعر > أيا نكْبةَ الدهر التي طوَّحَتْ بنا أيادي سَبا في شرقها والمغارب قفي بالتي نهْوَى فقد طِرْت بالتي إليها تناهت راجعات المصائب < / شعر > الحنين الى الأوطان والاخوان : وقد ذكر الحكماء - فيما خرجنا اليه من هذا المعنى - أن من علامة وفاء المرء ودوام عهده حنينه الى اخوانه ، وشوقه الى أوطانه ، وبكاءه على ما مضى من زمانه ، وان من علامة الرشد ان تكون النفوس الى مولدها مشتاقة ، والى مسقط رأسها توَّاقة ، وللالف
[1] في نسخة : وبعد الأشرار عنه . [2] في نسخة : التي كشفت الآراء من أهله بحكمة الأمور كما يرتفع ذلك عن القلب . [3] في نسخة : وفي قاعه نجمنا .
39
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 2 صفحه : 39