بقرب البصرة منصرفاً تاركاً للقتال طالباً للسلامة من الفتن ، وما يترتب عليها من الآقات والداء العضال ، فلحقه الشيطان المذكور في الوادي المذكور ، وأوهمه أنه له مسائر فأمنه ، ولم يشعر أنه غادر ، فاستغفل الهزبر الذي كانت يكسر العساكر فقتله ، وحد أمنه وأخذ سيفه ذلك التعيس الفاجر . ثم جاء إلى علي بسيفه ليبشره بزعمه بذلك ، فبشره علي بالنار التي يشربها النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاتله الخاسر الشقي . فقال له التعيس عندها بطريق الحجاج لا التندم : يا ويلنا إن قاتلناكم ويا ويلنا إن قاتلناكم معكم فنحن في النار . وذكر بعضهم أنه لما نظر على سيف الزبير معه قال بعدما بشره بالنار : طالما فرج به الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون إن قاتلناكم فنحن في النار وإن قاتلنا لكم أو قال معكم فنحن في النار . فقال له علي : ويلك ذلك شيء سبق لابن صفرة فقال والله ما قتلته إلا لهواك ثم ولى مغضباً . ومن مناقب الزبير قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " لكل نبي حواري وحواريي الزبير " والحواري : الناصر ، وقيل : الخاصة . وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : " بشر قاتل ابن صفرة بالنار " . ومنها أنه ابن عمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأول من سل سيفاً في سبيل الله عز وجل . وكونه من العشرة المشهود لهم بالجنة . وله معارك مشهورة في اليرموك وغير مشهورة . وقد روي عن علي كرم الله وجهه أنه وقال والله إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من أهل هذه الآية : " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرد متقابلين " - الحجر : 47 - قلت وما ينكر سعادة الجميع منهم ، وغفران الله لهم ، ما جرى بينهم إلا باغض ذو ابتداع ، أو جاهل ليس لهم بفضائلهم سماع . ومن جملة تلك الفضائل والمنحة قوله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد : " أوجب طلحة " أي وجبت له الجنة كما تقدم ، وقصته في رفعه له في الحديث مشهورة ، وفعلته في وقايته له بيده عن ضرب السيف مشكورة ، ولم يزل الفخر في شلل يد طلحة من تلك الوقاية فاخراً . والشرف في فعله ذلك بين الخلائق ظاهراً . ومما يؤيد تلك السعادة التي يخص الله بها من يحب ، والكرامة التي يشرح بها الصدور ، والقلوب تطرب ، ما روي بالإسناد عن بعض الصالحين : إنه خرج يوماً إلى ظاهر البصرة مع الولي الكبير العارف بالله الشهيد الشيخ أبي محمد المعروف بابن عبد الله البصري رضي الله عنه ، ثم أتى إلى تربة طلحة بن عبيد الله المذكور زائر ، قال : فلما رأى الشيخ أبو