الفريقين النار ، حين خافوا أن يصطلحوا ما يسوء الفجار ، من إقامة الحدود ، والأخذ لدم عثمان بالثأر . فأشعلوا نار الحرب بالليل . حتى التقى الرجالة والخيل . وجرى دماء الفريقين كالسيل . فكل من مد يده إلى خطام الجمل الذي عليه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها راكبة لم يرجع إليه يده بل هي بضرب السيوف الماضيات ذاهبة وتقاتل الأقران . وتناشدوا عند ذلك الاشعار . وقطع على خطام الجمل سبعون يداً من بني ضبة كلما قطعت يد أخذ الزمام آخر وهم ينشدون . نحن بنو ضبة أصحاب الجمل * ننازل الموت إذ الموت نزل والموت أشهى عندنا من العسل وكانوا من حزب عائشة وطلحة والزبير ، وبلغت القتلى يومئذ ثلاثة وثلاثين ألفاً على ما ذكر أهل التواريخ ، ل ذلك وعائشة رضي الله عنها راكبة على الجمل ، فأمر علي بعقر ذلك الجمل المسمى بعسكر ، فخمل الشر عند ذلك وظهر علي رضي الله عنه وانتصر ، ثم جاء علي إلى عائشة فقال : غفر الله لك فقالت : ولك ، ملكت فاسجح فما أردت إلا الإصلاح فبلغ من الأمر ما ترى ، فقال : غفر الله لك ، فقال : ولك ، ثم إنه أمر معها عشرين امرأة من ذوات الشرف والدين من أهل البصرة يمضين معها إلى المدينة ، وأنزلها في دار وأكرمها ، ثم سفرها إلى المدينة الشريفة وشيعها بأولاده وودعها . وقتل ذلك اليوم طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي أحد العشرة الكرام المشكورين في الأنام قيل رماه مروان بن الحكم ، والله تعالى أعلم ، مع أنه كان معهم ومن حزبهم لا من حزب علي رضي الله عنه ، لكن قيل رماه من أجل ضغن كان في قلبه منه . ومن مناقبه أنه وقى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيده يوم أحد ، وقول الذي صلى الله عليه وآله وسلم " أوجب طلحة " أي وجبت له الجنة لما رفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الصخرة ، وكونه من العشرة المشهود لهم بالجنة . وممن قتل ذلك اليوم محمد بن طلحة ، كان فضله مشهوراً ، وإليه يشير قائل بقوله : وأشعث قوام بآيات ربه * قليل الأذى فيما يرى العين مسلم يناشدني حاميم والرمح شاجر * فهلا تلا حاميم قبل التقدم الأبيات إلى قوله فخر صريعاً لليدين وللفم . وقتل الزبير بن العوام القرشي الأسدي حواري النبي صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمته صفرة ، وأول من سل سيفاً في سبيل الله تعالى ، الذي قال صلى الله عليه وآله وسلم في قاتله في بعض الأخبار : " وبشروا قاتل ابن صفرة بالنار " . قتله ابن جرموز بوادي السباع