قال بعضهم : لله دره ما أحلى هذه الحشوة ، وهي قوله على جدبنا ، ومن مكانته عند الرشيد ونفوذ كلمته : ما ذكر صاحب كتاب الأماثل والأعيان عن جعفر في قصة ذكر في آخرها أن جعفر بن يحيى قال لعبد الملك بن صالح الهاشمي : اذكر حوائجك ، قال : ان في قلب أمير المؤمنين موجدة علي فتخرجها من قلبه وتعيده إلى جميل رأيه في ، قال : قد رضي عنك أمير المؤمنين وزال ما عنده منك ، فقال : و علي أربعة آلاف ألف درهم ديناً ، فقال يقضي عنك و انها لحاضرة ولكن كونها من أمير المؤمنين أشرف لك وأدل على حسن ما عنده منك ، قال : و إبراهيم ابني أحب أن أرفع قدره بصهر من ولد الخلافة ، فقال قد زوجه أمير المؤمنين العالية ابنته ، قال : و أوثر التنبيه على موضعه برفع لواء على رأسه ، قال : قد ولاه أمير المؤمنين مصر ، قال الراوي : و هو إبراهيم بن المهدي ، فخرج عبد الملك ونحن متعجبون من قول جعفر وإقدامه على ذاك من غير استئذان فيه ، ثم ركبنا من الغد إلى باب الرشيد ودخل جعفر ، ووقفنا فما كان أسرع من أن دعي بأبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن وإبراهيم بن عبد الملك ، ولم يكن بأسرع من خروج إبراهيم والخلع عليه واللواء بين يديه . وقد عقد له على العالية بنت الرشيد ، وحملت إليه ومعها المال إلى منزل عبد الملك بن صالح ، وخرج جعفر فتقدم إلينا بأتباعه إلى منزله ، وصرنا معه ، فقال : أظن قلوبكم تعلقت بأول أمر عبد الملك فأصبتم علم آخره ، قلنا هو كذا وكذا ، قال : و قلت بين يدي أمير المؤمنين وعرفته ما كان من أمر عبد الملك من ابتدائه إلى انتهائه ، وهو يقول أحسن أحسن ، قلت : يعني قضيته وقعت له معه كرهت ذكرها لاشتمالها على خلاعات ومنادمات ومحرمات لا يليق ذكرها بأرباب الديانات ، واسترسال عبد الملك المذكور مع جعفر على طريق الموافقة بأشياء ليست له ، بإعادته حيز القلب واسعاً ، قال باريه وتوسد استمالته وتوصل إلى قضاء حاجته ، وهي معروفة عند من له إلمام بمطالعة ما سطر في تواريخ الملوك والوزراء ، واطلاع على أخبار الوقائع والأمراء . رجعنا إلى ذكر ما ذكره عن الرشيد قال : ثم قال فما صنعت معه فعرفته ما كان من قولي له فاستصوبه وأمضاه ، وكان ما رأيتم ، قال الراوي فوالله ما أدري أيهم أعجب فعلا ، عبد الملك في تعاطيه ما ليس له بعادة ، وكان رجل جد وتعفف ووقار وناموس ، أو إقدام جعفر على الرشيد بما أقدم ، أو إمضاء الرشيد ما حكم به عليه جعفر . وحكي أنه كان عنده أبو عبيدة الثقفي فقصدته خنفساتة ، فأمر جعفر بإزالتها ، فقال أبو عبيدة : دعوها حتى يأتي بقصدها لي خيراً ، فإنهم يزعمون ذلك فأمر له جعفر بألف دينار ، وقال : تحقق زعمهم ، وأمر بتنحيتها ، ثم قصدته ثانياً فأمر له جعفر بألف دينار أخرى .