الليالي ، فقصد أشعب الشوي وسلخه بيده ، فحرزه القاضي بعينيه ، ثم قال : يا جماعة أعلموني من يصلي بالمحبوسين في هذا الشهر ؟ قال يا سيدي : ما أحد يصلي بهم ، فقال : المصلحة أن يذهب أشعب يصلي بهم في هذا الشهر ، فقال أشهب : أو المصلحة في غير ذلك ، أصلح الله القاضي ، قال : و ما هي ؟ قال : أتوب ، فسكت عنه القاضي وضحك من فهم ذلك ، ولم يعد إلى جذب الشواء يعدها . وقال الطرسوسي في كتاب سراج الملوك قال سحنون بن سعيد كان يزيد بن حاتم حكيماً يقول : و الله ما هبت شيئاً قط هيبتي لرجل لطمته وأنا أعلم أنه لا ناصر له إلا الله ، فيقول : حسبك الله بيني وبينك . وقيل وفد التميمي الشاعر على يزيد بن حاتم بإفريقية ، فأنشده هذين البيتين : إليك قصرنا النصف من صلواتنا * مسيرة شهر ثم شهر نواصله فلا نحن نخشى أن يخيب رجاؤنا * لديك ولكن أهنأ البر عاجله فأمر يزيد بوضع العطاء في جنده ، وكانوا خمسين ألف مرتزق كما تقدم ، فقال : من أحب أن يسرني فليضع لزائري هذا من عطائه بدرهمين ، فاجتمع له مائة ألف درهم ، وضم يزيد إلى ذلك مائة ألف أخرى ، ودفعهما إليه . قال ابن خلكان ثم وجدت البيتين المذكورين لمروان بن أبي حفصة ، والله أعلم ، انتهى كلامه . قلت وقد تقدم ذكرهما في ترجمة مروان المذكور في سنة اثنتين وثمانين ومائة في مدحه للمهدي . وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق : ان يزيد المذكور قال لجلسائه : استبقوا إلى ثلاثة أبيات . فقال صفوان بن صفوان : أفيك ؟ قال : فيمن شئتم ، وكأنها كانت في فمه فقال : لم أدر ما الجود إلا ما سمعت به * حتى لقيت يزيداً عصمة الناس لقيت أجود من يمشي على قدم * مفضلاً برداء الجود والبأس ولو نيل بالجود مجد ، كنت صاحبه * وكنت أولى به من آل عباس ثم كف وقال أتمم ، فقال : لا يصلح ، وقال : يسمع هذا منك أحد . وفي يزيد بن حاتم أيضاً قال الشاعر : وإذا تباع كريمة أو تشترى * فسواك بايعها وأنت المشتري