والعد مكي بالعين والدال المهملتين : المديم ، ولها فيه مراثي كثيرة ، قالوا : و كان يوم المصاف ينشد : أنا الوليد بن الطريف الشاري * قسورة لا يصطلي بناري ويقال إنه لما انكسر جيشه وانهزم ، تبعه يزيد بنفسه حتى لحقه على مسافة بعيدة ، فقتله وأخذ رأسه ، ولما علمت بذلك أخته المذكورة لبست عدة حربها وحملت على جيش يزيد ، فقال يزيد : دعوها ، ثم خرج فضرب بالرمح فرسها . وقال أعرابي : عرب الله عليك ، فقد فضحت العشيرة ، فاستحيت وانصرفت ، والخابور نهر معروف يصب في الفرات ، وعلى هذا النهر مدن صغار تشبه الكبار في عمارة بلادها وأسواقها وكثرة خيراتها ، وطريف بفتح الطاء المهملة وكسر الراء وسكون الراء المثناة من تحت وبعدها فاء ، وتل نباثي معروف مضاف إلى نباتي بضم النون وبعدها موحدة وبعد الألف مثلثة مفتوحه في برية الموصل والحثا في قولها ألا قاتل الله الحثا جمع حثية وقولها : فتى لا يريد الزاد إلا من التقى * ولا المال إلا من فتى وسيوف قلت هذا البيت ظاهرة التناقض ، فإن القائل يقول إن حصول المال بالقنا والسيوف ظاهره القتل والقتال ونهب الأموال ، وهذا مناف للتقوى والجواب فيما يظهر والله تعالى أعلم : ان هذا لا تناقض فيه على مذهب الخوارج الذين يكفرون المسلمين بالذنب ويرون الخروج عليهم ، والدليل على كونه منهم قوله أنا الوليد بن الطريف الشاري ، فنسب نفسه إلى الشراة ، وهم الخوارج المتسمون بهذا الاسم بكونهم بزعمهم باعوا نفوسهم بالجنة ، وقد أبدعت أخته في شعرها المذكور ، وبلغت في بلاغته نهاية من النظم المشكور ، وما سمعت من أشعار النساء أبلغ من شعرها وشعر الخنساء ، كلتاهما رثت أخاها ، ومن شعر الخنساء البليغ فيه : وإن صخرا لتأتم الهداة به * كأنه علم في رأسه نار أبدعت في التشبيه وناسبت بين طرفي البيت ، لأنها لما جعلته هادي الهداة شبهته بدليل على دليل ، وهما الجبل والنار ، وأخت ابن طريف أيضاً أبدعت في مواضع من هذه الأبيات ومنها : تبكيتها لشجر الخابور ، ومعاتبتها له على عدم تساقط ورقه لاحتراقه بنار الحزن على قتل أخيه الوليد المذكور ، فاستعارت استعارة بالغة مشعرة بكون الكون جديراً بأن يحزن ويأسى على فقد من اتصف بالأوصاف الجميلة الثناء حيث قالت : أيا شجر الخابور ما لك مورقاً * كأنك لم تحزن على ابن طريف