المديني : سألت يحيى بن سعيد فقلت أيما أحب إليك ؟ رأي مالك أو رأي سفيان ؟ فقال : سفيان لا نشك في هذا ، ثم قال يحيى : سفيان فوق مالك في كل شيء . قال وقال أحمد بن حنبل : دخل الأوزاعي وسفيان على مالك فلما خرجا قال مالك : أحدهما أكبر علماً من صاحبه ، ولا يصلح للإمامة ، والآخر يصلح للإمامة ، فسأل من الذي عنى مالك أنه علم الرجلين ، أهو سفيان ؟ قال : نعم . سفيان أوسعهما علماً . وعن أبي صالح شعيب بن حرب المدائني ، وكان أحد السادة الأئمة الكبار في الحفظ والدين أنه قال : إني لأحسب يجاء سفيان الثوري يوم القيامة حجة من الله على الخلق ، يقال لهم إن لم تدركوا نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم فقد أدركتم سفيان الثوري ألا اقتديتم به . وكان سفيان كثير الحظ على المنصور ، فهم به وأراد قتله ، فما أقدره الله تعالى على ذلك قلت وقصتهم معه مشهورة أعني في أمر المنصور يلزم سفيان في مكة لما قرب المنصور من دخولها ، واقسام سفيان رضي الله تعالى عنه في الملتزم برب الكعبة أنه لا يدخلها ، فلم يدخلها ، بل مات خارجاً عنها ، وقد اجتمع الناس على جلالة سفيان وإمامته وصلاحه وزهادته وورعه وعبادته . ويقال كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رأس الناس في زمانه ، وكان بعده ابن عباس في زمانه ، وكان بعده الشعبي في زمانه ، وكان بعده الثوري في زمانه ، سمع الحديث من أبي إسحاق السبيعي والأعمش ومن في طبقتهما من الجلة ، وسمع منه الجلة كمالك وسفيان بن عيينة وابن المبارك والأوزاعي وابن جريج ومحمد بن إسحاق ومن في طبقتهم . وذكر المسعودي في مروج الذهب ما مثاله قال القعقاع بن الحكم : كنت عند المهدي فأتى سفيان الثوري فلما دخل عليه سلم تسليم العامة ، ولم يسلم عليه بالخلافة ، والربيع قائم على رأسه ، متكئ على سيفه ، يرقب أمره ، فاقبل عليه المهدي بوجه طلق ، وقال : يا سفيان تفر منا هاهنا وهاهنا ، وتظن أنا لو أردناك بسوء لم نقدر عليك ، فقد قدرنا عليك الآن ، فما عسى أن نحكم فيك بهواناً ، فقال سفيان : ان تحكم في يحكم فيك ملك قادر عادل ، يفرق في حكمه بين الحق والباطل . فقال له الربيع : يا أمير المؤمنين ألهذا الجاهل أن يستقبلك بمثل هذا ؟ ائذن لي أضرب عنقه ، فقال له المهدي : اسكت ويحك ، وهل يريد هذا وأمثاله إلا أن تقتلهم فتشقى بسعادتهم أو قال لسعادتهم ؟ اكتبوا عهده على قضاء الكوفة على أن لا يعترض عليه في حكم ، فكتب عهده ودفعه إليه فأخذوه وخرج ، فرمى به في دجلة وهرب ، فطلب في كل بلد فلم يوجد ، ولما امتنع من قضاء الكوفة وتولاه