القيس بن عدي ، وكانت سكينة المذكورة من أجمل النساء وأظرفهن وأحسهن أخلاقا ، تزوجها مصعب بن الزبير فهلك عنها ثم تزوجها عبد الله بن عثمان بن عفان ثم عبد الله بن حكيم بن حزام ثم تزوجها زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان ، فأمره سليمان بن عبد الملك طلاقها ففعل ، وقيل في ترتيب أزواجها غير هذا . ولها نوادر وحكايات ظريفة : من ذلك أنها سمعت بعض أشعار عروة بن أذينة ، وكان من أعيان العلماء وكبار الصالحين وله أشعار رائقة ، فأنكرت عليه أشياء بلطافة وظرافة ، لا أطول الكتاب بذكرها وكان لعروة المذكور أخ اسمه بكر فرثاه عروة بقوله : سرى همي وهم المرء يسري * وغاب النجم إلا قيد فتر أراقب في المجرة كل نجم * تعرض أو على المجارة تجري لهم ما أزال له قريناً * كأن القلب أبطن حر جمر على بكر أخي فارقت بكراً * وأي العيش يصلح بعد بكر فلما سمعت سكينة هذا الشعر قالت : و من هو بكر هذا ؟ فوصف لها ، فقالت : أهو ذاك الأسيود الذي كان يمر بنا ؟ قالوا : نعم قالت : لقد طاب بعده كل شيء حتى الخبز والزيت . ويحكى أن بعض المغنين غنى بهذه الأبيات عند الوليد بن يزيد الأموي وهو في مجلس أنسه ، فقال للمغني : من يقول هذا الشعر ؟ قال : عروة بن أذينة ، فقال الوليد : أي العيش يصلح بعد بكر ؟ هذا العيش الذي نحن فيه . والله لقد تحجر واسما . وكان عروة المذكور كثير القناعة وله في ذلك أشعار سائرة ، وكان قد وفد من الحجاز على هشام بن عبد الملك بالشام في جماعة من الشعراء ، فلما دخلوا عليه عرف عروة ، فقال : الست القائل : ولقد علمت وما الإسلاف من خلقي * أن الذي هو رزقي سوف يأتيني أسعى له فيمييني تطلبه * ولو قعدت أتاني لا يعنيني وما أراك فعلت كما قلت ، فإنك أتيت من الحجاز إلى الشام في طلب الرزق . فقال : لقد وعظت يا أمير المؤمنين فما بلغت في الوعظ ، وأذكرت ما أنسانيه للدهر ، وخرج من فوره إلى راحلته فركبها وتوجه راجعاً إلى الحجاز ، فمكث هشام يومه غافلا عنه ، فلما كان في الليل استيقظ من منامه وذكره ، وقال : هذا رجل من قريش قال حكمة ، ووفد إلي فجبهته