بأطيب من أراد أن عزة موهنا * إذا أوقدت بالمندل الرطب نارها فقال كثير نعم . فقالت : لو وضع المندل الرطب على هذه الروثة لطيب ريحها هلا قلت كما قال امرؤ القيس ؟ . ألم تراني كلما جئت زائراً * وجدت بها طيباً وإن لم تطيب فناولها المطرف ، وقال أشتري على هذا قالت ، وقوله نعم بعد قولها : الست القائل ؟ فما روضة البيتين صوابه أن يقول بلى ، كقوله عز وجل : " ألست بربكم قالوا بلى " - الأعراف : 172 - ولو قالوا نعم لكان كفراً ، لأنه تقرير للنفي والحثحاث بالحاء المهملة والراء والثاء المثلثة مكررتين : نبت طيب الرائحة والعرار بالعين المهملة والراء المكررة : بهار البر ، وهو طيب أيضاً وإليه أشار الشاعر في قوله : تمتع من شميم عرار نجد * فما بعد العشية من عرار وكان كثير ينسب إلى الحمق ، ويروى أنه دخل يوماً على يزيد بن عبد الملك ، فقال يا أمير المؤمنين ما يعني الشماخ بقوله : إذ الأرطا توسدا برديه * خدود جواري بالرمل عين فأقال يزيد : ما يضرني أن لا أعرف ما عنى هذا الأعرابي الجلف واستحمقه وأمر بإخراجه ودخل كثير على عبد العزيز بن مروان والد عمر يعود في مرضه ، وأهله يتمنون أن يضحك ، وهو يومئذ أمير مصر ، فلما وقف عليه قال : لولا أن سرورك لا يتم بأن تسلم واسقم لدعوت ربي أن يصرف ما بك إلي ، ولكني أسأل الله عز وجل لك العافية ، ولي في كنفك النعمة ، فضحك عبد العزيز ، وأنشد كثير : ونعود سيدنا وسيد غيرنا * ليت التشكي كان بالعواد لو كان يقبل فديتي لفديته * بالمصطفى من طارقي وتلادي قلت يعني بقوله المصطفى إلى آخر البيت : الذي يختاره من المال الحادث والقديم . ومما يستجاد من شعر كثير : قصيدته النائية التي يقول من جملتها : وإني وتهيامي لعزة بعدما * تسليت من وجد بها وتسلت لك المرتجى ظل الغمامة كلما * تبوأ منها للمقيل اضمحلت وكان كثير بمصر وعزة بالمدينة ، فاشتاق إليها ، فسافر للاجتماع بها ، فلقيها في الطريق