responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان نویسنده : عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني المكي    جلد : 1  صفحه : 171


شراحيل الشعبي الكوفي ، وله بضع وثمانون سنة . قال ابن المديني : ابن عباس في زمانه والشعبي في زمانه وسفيان الثوري في زمانه ، قيل جد الشعبي من إقبال اليمن من حمير ، وهو تابعي جليل القدر وافي العلم ، روي أن ابن عمر مر به يوماً وهو يحدث بالمغازي وقال : شهدت القوم وهو أعلم بها مني . وحكى الشعبي قال أنفذني عبد الملك بن مروان إلى ملك الروم ، فلما وصلت جعل لا يسألني إلا أجبته ، وكانت الرسل لا تطيل عنده فحبسني أياماً كثيرة حتى استحببت خروجي ، فلما أردت الانصراف قال لي من أهل بيت المملكة أنت ؟ فقلت : لا ولكنني رجل من العرب في الجملة ، فهمس بشيء ، فرفعت إلي رقعة وقال : إذا أديت الرسائل إلى صاحبك فأوصل إليه هذه الرقعة ، قال : فأديت الرسالة عند وصولي إلى عبد الملك ، ونسيت الرقعة ، فلما صرت في بعض الدار أريد الخروج تذكرتها ، فرجعت فأوصلتها إليه ، فقال : قرأها وقال لي : أقال لك شيئاً قبل أن يدفعها إليك ، قلت : نعم . قال لي : من أهل بيت المملكة أنت ؟ قلت : لا ولكني من العرب في الجملة ثم خرجت من عنده ، فلما بلغت الباب رددت ، قال لي : أتدري ما في الرقعة ؟ قلت : لا . قال : فاقرأها ، فقرأتها ، فإذا فيها عجبت من قوم فيهم مثل هذا كيف ملكوا غيره ، فقلت : والله لو علمت ما حملتها ، وإنما قال هذا لأنه لم يرك . قال : أفتدري لم كتبها قلت : لا . قال : حسدني عليك ، وأراد أن يغريني بقتلك ، فتأدى ذلك إلى ملك الروم وقال : ما أردت إلا ما قال . قلت وقول الشعبي وإنما قال هذه لأنه لم يرك صدر عن بلاغة فهم ثاقب ، واق من الوقوع في المغاضب أعني أنه مدح عبد الملك بما سكن به ثوران الغضب المؤدي عند هيجانه إلى سفك الدماء والعطب ، وذلك أن مدح ملك الروم للإمام الشعبي مشتمل على أمرين خطيرين : أحدهما أنه رفعه رفعاً ينحط به فضل عبد الملك ، وحينئذ يكره أن يبقى مرفوعاً ، ويقتضي أن يكون في جنبه موضوعاً ، فلما مدحه الشعبي فكأنه قال : لو رأى فضلك لاحتقر فضلي في جنب فضلك ، وكان ذلك سبباً لتسكين عبد الملك وحقن دم الشعبي . والثاني أن الرومي أوهم عبد الملك أن الشعبي أحق بالملك منه ، فخشي أن يؤول الأمر إلى انتقال الملك منه إليه ، كما خشي هارون الرشيد أن ينتقل ملكه إلى الأمام الشافعي لما جرى من الفضائل فجرى له معه ما جرى كما هو معروف في سيرة الشافعي . فلما مدح الشعبي عبد الملك ، وخلع عن نفسه خلعة الفضل وألبسها إياه ، وكأنه قال : تاج الملك لا

171

نام کتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان نویسنده : عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني المكي    جلد : 1  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست