وحنكه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان أول ما دخل بطنه ريق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وسماه عبد الله ، وكان صواماً قواماً منطاقاً فصيحاً بطلاً شجاعاً . قيل : كان حجر المنجنيق يصيب ثوبه وهو ساجد فلا يرفع رأسه ، ويأكل أكلة واحدة ما بين مكة والمدينة ، ولما طال الحصار على أصحابه وتفرقوا عنه ، دخل على أمه أسماء بنت الصديق رضي الله عنهم فأخبرها أن أصحابه قد تفرقوا عنه وأن خصومه قالوا له : إن شئت سلم نفسك لعبد الملك بن مروان يرى فيك رأيه ولك الأمان ، واستشارها في ذلك ، فقالت له : يا ولدي إن كنت قاتلت لغير الله فقد هلكت وأهلكت ، وإن كنت قاتلت لله فلا تسلم نفسك لبني أمية يلعبون بك ، فإن قلت : لم يبق معي معين على القتال ، فلعمري إنك معذور ، ولكن شأن الكرام أن يموتوا على ما عاشوا عليه ، فخرج من عندها حينئذ إلى أن التقى جيوش عبد الملك في أعلى مكة فحمل عليهم . وقال رضوان الله تعالى عليه ولو كان قرني واحداً لكفيته فأجابه واحد منهم نعم وألفاً يا غلام ، ولم يزل يقاتل إلى أن أصابه في رأسه رمية فراخ رأسه ووقع ، فصاحت مولاة لآل الزبير وا أميراه ! فعرفوه ، ولم يكونوا عرفوه في ذلك الحال لما عليه من لباس الحرب ، فقصدوه في كل مكان ، فقتلوه ، قاتلهم الله ثم وقف عليه أميرهم الحجاج وأمير آخر معه ، قال ذلك الأمير : ما ولدت بنات آدم أذكر من هذا الرجل يعني أفحل منه فقال له الحجاج : أتقول فيه هذا القول وقد خالف أمير المؤمنين وخرج عن طاعته ؟ يعني عبد الملك بن مروان . فقال : إن هذا لا عذر لنا عند أمير المؤمنين ، وإلا فما عذرنا في قتلنا له ؟ أشهراً وهو يربي علينا فيها بالغلبة . قال الشيخ محيي الدين النواوي رحمة الله عليه في شرح مسلم فذهب لحل الحق : إن ابن الزبير كان مظلوماً ، وإن الحجاج ورفقته كانوا خوارج عليه وروي أنه لما ولد كبر الصحابة ، ولما قتل كبر أهل الشام ، فقال ابن عمر : الذين كبروا على مولده خير من الذين كبروا على قتله ، وكان قد ملك الحجاز واليمن والعراق . وقال الشيخ أبو إسحاق : بويع على الخلافة ولا يبايع على الخلافة إلا من كان فقيها " مجتهدا " ، واستعمل ابن الزبير على اليمن الضحاك بن فيروز سنة ثم عزله ، وولى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المخزومي على صنعاء ، ثم استعمل جماعة واحداً بعد واحد . ولما قتله الحجاج صلبه بين القبور في موضع هناك معروف إلى الآن ببناء بني هناك علامة ، ثم أرسل الحجاج إلى أمه أسماء بنت أبي بكر أعوانه ، وقال لهم قبحه الله : هاتوها