وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين " وحمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم له على عاتقه وهو صغير . وإعلامه صلى الله عليه وآله وسلم بأنه وأخاه ريحانتاه وقطعه صلى الله عليه وآله وسلم الخطبة ، ونزوله إليهما ، ورفعه لهما ووضعه بين يديه قلت ومن أعظمهما قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما " . سنة خمسين فيها توفي الحسن بن علي المذكور رضي الله تعالى عنهما على الخلاف المذكور في المدينة الشريفة ، وعمره سبع وأربعون سنة ، قلت ومناقبه بالأنساب والاكتساب والقرابة والنجابة والمحاسن في الظاهر والباطن معروفة مشهورة ، وفي تعدادها غير محصورة ، وكان مع نهاية الشرف والارتفاع ، في غاية التلطف والاتضاع ، ومن ذلك ما روي أنه حج ماشياً على رجليه ، والنجائب تقاد بين يديه خمساً وعشرين عمرة وحجة . ومن زهده ما روي أنه خرج لله تعالى ، عن ماله ثلاث مرات ، وشاطره مرتين حتى في نبله . ومن جوده أنه سأله إنسان فأعطاه خمسين ألف درهم وخمس مائة دينار وقال : أبيت بجمال يحمل لك فأتي بجمال ، فأعطاه طيلسانه ، قال يكون كراء الجمال من قبلي . ومن جوده أيضاً وشدة تواضعه : ما ذكره جماعة من العلماء في تصانيفهم أنه مر بصبيان معهم كسر خبز فاستضافوه ، فنزل من فرسه فأكل معهم ، ثم حملهم إلى منزله وأطعمهم وكساهم ، وقال اليد لهم لأنهم لم يجدوا غير ما أطعموني وأنا نجد أكثر منه . ومن توكله ما روي أنه بلغه أن أبا ذر يقول الفقر أحب إلي من الغنا والسقم أحب من الصحة ، فقال : رحم الله أبا ذر أما أنا فأقول : من اتكل على حسن اختيار الله تعالى له لم يختر غير ما اختار الله له ويروى أيضاً أن هذا الكلام قول أخيه الحسين رضي الله تعالى عنهما . وفيها توفي عبد الرحمن بن سمرة بن جندب بن ربيعة العبسي ، كعب بن مالك السلمي أحد الثلاثة الذين خلفوا ، والمغيرة بن شعبة الثقفي ، وكان من رجال العزم والحزم والرأي والدهاء ، ويقال : انه أحصن ثلاث مائة امرأة وقيل ألف امرأة . وفيها توفيت أم المؤمنين صفرة بنت حيي رضي الله عنها .