إذا عرفوه ، ولا يتناهون عن منكر إذا أنكروه ، يكتفي الرجال منهم بالرجال والنساء بالنساء ، فعند ذلك الغم الغميم والبكاء الطويل والويل والعويل ، لأهل الزوراء من سطوات الترك وما هم الترك ، قوم صغار الحدق ، وجوههم كالمجانِّ المطرَّقة ، لباسهم الحديد ، جردٌ مردٌ ، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدا ملكهم ، جهوري الصوت قوي الصولة عالي الهمة ، لا يمر بمدينة إلا فتحها ، ولا ترفع له راية إلا نكسها ، الويل الويل لمن ناوأه ، فلا يزال كذلك حتى يظفر ! فلما وصف لنا ذلك ووجدنا الصفات فيكم رجوناك فقصدناك . فطيَّب قلوبهم وكتب لهم فرماناً باسم والدي ، يطيِّب فيه قلوب أهل الحلة وأعمالها . والأخبار الواردة في ذلك كثيرة ) . ( رويت كلمة قهازم في النسخ : محارم محاذم مهادم مهارم مخازن مخادم مهازم ، وهي غير مقنعة ، ولا يبعد أن تكون قهازم مصحفة عن قهارم جمع قهرمان ، والقهرمان هو الوكيل المخول ، ويسمى به أمناء الملك وخاصته ، وهو أعلى من الخازن كما في العين : 4 / 11 ، ولسان العرب : 12 / 496 ، وهي كلمة فارسية معربة ولعل أصلها الفارسي ( كارفرما ) وقد وردت في الحديث النبوي . فيكون المعنى : أن ملوك بني عباس يكون لهم وكلاء وخزان كالفرس . هذا ، وقد ورد في بعض رواياته زيادة في آخره : يدفع بظفره إلى رجل من أهل بيتي . . . وفيها كلام ) . أقول : قد يشكل بعضهم على عمل فقهاء الحلة رضوان الله عليهم بأنهم تركوا الجهاد الدفاعي عن الإسلام وعن الخلافة وعن منطقتهم ، وبأنه استعجال ومغامرة صادف أنها أصابت ونجحت وحنبت منطقتهم من تدمير المغول . والجواب : أن هؤلاء الفقهاء الكبار يعرفون أن الجهاد الدفاعي لا يجب مطلقاً بل له شروط لم تكن متوفرة في العراق ، فمنها إمكانه ، وفائدته ونتيجته ،