لم يكن عندهم اهتمام بالعلم والإعمار كنصير الدين الطوسي قدس سرّه والجوينيين ، فقد كان خلفاؤها محاربين بيروقراطيين فقط ! ولذلك اهتموا بالسفن والمدافع ، واهتموا بتشكيلات القصر والمراسم ومؤسسات جباية المال ، كما اهتموا بثقافة المطبخ ، حتى أنك ترى مطبخ إستانبول اليوم حتى عند عوام الناس ما زال من مطابخ الدرجة الأولى في العالم ! هذا عندما كان ( الخلفاء ) مستقلين ! أما عندما جاء جيل الخلفاء الضعاف الشخصية ، أبناء الفرنجيات ومطيعي الفرنجيين ، ابتداءً من السلطان سليم ، فقد انشغل الخليفة عن الفتوحات والصناعات ، وصار همُّهُ محصوراً في الصراعات الداخلية ! ثم صار شغل العاصمة وهمها عزل خليفة وقتله أو حجزه ، ونصب خليفة بعده ، ثم عزله أو قتله ! لاحظ أن القائد الفرنسي نابليون عندما احتل مصر سنة 1798 بعث مهندسين ليدرسوا إمكانية وصل البحرين بقناة السويس : ( فأجابته اللجنة بالإيجاب . . . ولما تحقق لدى العموم بإجماع العلماء أن مسطح البحرين متساو ، سعى المسيو فردينان دي ليسبس قنصل فرنسا في مصر لدى المرحوم سعيد باشا والي مصر إذ ذاك للحصول على فرمان يخوله امتياز تشكيل شركة عمومية لإتمام العمل ) . ( محمد فريد / 568 ) . في ذلك الوقت كانت العاصمة العثمانية مشغولة بعزل سلطانها سليم الثالث ونصب السلطان مصطفى الرابع ( محمد فريد / 393 و 398 ) ثم بعزل السلطان مصطفى الرابع : ( وحجزه في نفس السراي التي كان محجوزاً بها السلطان سليم ! فعزل بعد أن حكم ثلاثة عشر شهراً ، وقتل في سراية بعد ذلك بقليل ، وأقيم بعده محمود الثاني الذي أعلن حرباً على الإنكشارية وقتل أكثرهم ! ( محمد فريد / 124 ) . واستمر هذا المسلسل إلى آخر حياة الدولة العثمانية ، بما له من تأثير كبير في تضعيف أجهزة الدولة وولاياتها وتدويخ مفكريها !