ليكونوا قدوات عملية للناس تجسد نظرية معرفة الله تعالى وتطبيقها ! لذلك لم يترك الله عز وجل أمر معرفته وعبادته مجملاً مفتوحاً للناس ، بل جعل لهم قدوات ربانية بعد النبي صلى الله عليه و آله وأمر نبيه صلى الله عليه و آله فأخبر الأمة أنهم اثنا عشر من عترته عليهم السلام وأمرها باتِّباعهم . لكن الشعوب الجديدة لم تنقل إليها عقيدة إمامة العترة النبوية عليهم السلام وأن الله تعالى لا يقبل أن يعرفه المسلمون ويعبدوه باجتهادهم وفهمهم لنصوص القرآن والسنة ، لأنهم بذلك يضيعون ويختلفون ويقعون في تحريف الدين ، بل لا بد من اقتدائهم بالقدوات الحية الذين عينهم النبي صلى الله عليه و آله . إن القليل من الناس من شعوب البلاد المفتوحة استطاع أن يعرف عقيدة الإمامة ، فقد كان بعض الصحابة يبلغها بشكل سري على تخوف ، لأن معناه عند السلطة أنه يتهم النظام ويخوِّن قسماً من الصحابة ويتهمهم بتهمة عظيمة ! أمام هذا الواقع ، لم يقف أحد أمام اجتهادات المجتهدين من الشعوب الجديدة في معرفة الله تعالى وعبادته ، خاصة من مثقفي البلاد الذين يعتبرون أنهم أكثر حضارة ومدنية من العرب ، وأنهم إن فهموا لغتهم فهم أقدر منهم على فهم نصوص الدين الذي نزل عليهم ، وفهم أغراضه وأهدافه في الإنسان ! لهذا سرعان ما امتلأ بازار التصوف بألوان الأفكار والسلوكيات ، وبرز وُعَّاظٌ وعُبَّادٌ وقراءٌ ومُنَظِّرُون لمعرفة الله وعبادته ، وكانوا كلهم أو جلهم من الشعوب الأخرى غير العرب وغير الشيعة طبعاً ، وكان مستواهم الذهني نوعاً متقدماً على المسلمين العرب ولذلك تحول العرب إلى أتباع ومريدين لهؤلاء العلماء والمشايخ المتصوفة العجم ! ثم بدأ شيوخ المتصوفة بجذب الأتباع وتنظيمهم ، الأمر الذي أكد الحاجة إلى مراكز للقاءاتهم وبرامجهم ، فكانت الخانقاهات ! وطبيعي أن يبحث شيوخ التصوف عن شخصيات عارفة لله عابدة له ليتخذوها