منزلة الملوك العظام في التعظيم والتوقير والاحترام ، ولا تدع معه شيئاً مما يليق بحشمتك ، فإن ذلك كله عائد إلى حرمتك وعظمتك ! ثم خرج السيد من عند تيمور . وجهز قاصده إلى الخواجة علي المذكور يقول له إنه قد مهد له الأمور فإن جاءه قاصده فلا يتوقف عن الطاعة ولا يقعد عن التوجه إليه ولا ساعة ، ويكون منشرح البال آمناً سطواته في الحال والمآل ، فاستعد خواجة علي لقدوم الوارد وورود القاصد وهيأ الخدمات والتقادم والحمولات ، وضرب باسمه واسم متولاه الدرهم والدينار ، وخطب باسمهما في جوامع الأمصار ، وقعد لأمره منجزاً وأقام للطلب مستوفزاً ، وإذا بقاصد تيمور جاء منه بكتاب فيه من ألطف كلام وألين خطاب ، يستدعيه مع انشراح الصدر وتوفير التوقير وتكثير البر ، فنهض من ساعته ملبياً بلسان طاعته ولم يلبث غير مسافة الطريق ، وقصد بأمل فسيح وعهد وثيق ، فلما أخبروه بوفوده جهز لاستقباله أساورة جنوده ، وسر سروراً شديداً وكأنه استأنف ملكاً جديداً فلما وصل قدم هدايا فاخرة وتحفاً متكاثرة ، وطرائف ملوكية وذخائر كسروية ، فعظمه تعظيماً بالغاً وأولاه إنعاماً سائغاً ، وأسبل على قامة رجائه من خلع إعزازه وإكرامه ذيلاً سابغاً ، واستمر به على ولايته وزاد في بره وكرامته ، فلم يبق في خراسان أمير مدينة ولا نائب قلعة مكينة ، ولا من يشار إليه ، إلا وقصد تيمور وأقبل عليه ، فمن أكابرهم أمير محمد حاكم باورد ، وأمير عبد الله حاكم سرخس ، وانتشرت هيبته في الآفاق وبلغت سطوته مازندران وكيلان وبلاد الري والعراق ، وامتلأت منه القلوب والأسماع ، وخافه القريب والبعيد ، وعلى الخصوص شاه شجاع ، وكل هذا في مدة قصيرة وأيام قلائل يسيرة ، نحواً من سنتين ، بعد قتله السلطان حسين العجم أبا الفوارس شاه شجاع . ولما صفت له بلاد خراسان وأذعن لطاعته كل قاص ودان ، راسل شاه شجاع سلطان شيراز وعراق العجم يطلب منه الطاعة والانقياد ، وإرسال الأموال والخدم ) . انتهى . أقول : يريد ابن عربشاه أن يقول إن سبب نجاح تيمور لنك أسراراً غيبية وصل إليها