في هذه السرعة إنما ملكها في نحو عشر سنين ، ولم يقتل أحداً إنما رضي من الناس بالطاعة ، وهؤلاء قد ملكوا أكثر المعمور من الأرض وأحسنه وأكثره عمارة وأهلاً وأعدل أهل الأرض أخلاقاً وسيرةً ، في نحو سنة ! ولم يبق أحد من البلاد التي لم يطرقوها إلا وهو خائف يتوقعهم ويترقب وصولهم إليه . . . ثم إنهم لا يحتاجون إلى ميرة ومدد يأتيهم ! فإنهم معهم الأغنام والبقر والخيل وغير ذلك من الدواب يأكلون لحومها لا غير ، وأما دوابهم التي يركبونها فإنها تحفر الأرض بحوافرها وتأكل عروق النبات لا تعرف الشعير ! فهم إذا نزلوا منزلاً لا يحتاجون إلى شئ من خارجه ! وأما ديانتهم فإنهم يسجدون للشمس عند طلوعها ، ولا يحرمون شيئاً فإنهم يأكلون جميع الدواب حتى الكلاب والخنازير وغيرها ، ولا يعرفون نكاحاً بل المرأة يأتيها غير واحد من الرجال ، فإذا جاء الولد لا يعرف أباه ! ودخل جنكزخان بنفسه وأحاط بالقلعة ونادى في البلد بأن لا يتخلف أحد ومن تخلف قتل ، فحضروا جميعهم . . . ثم أمرهم بالخروج من البلد فخرجوا من البلد مجردين من أموالهم ليس مع أحد منهم غير ثيابه التي عليه ودخل الكفار البلد فنهبوه وقتلوا من وجدوا فيه وأحاط بالمسلمين فأمر أصحابه أن يقتسموهم فاقتسموهم . وكان يوماً عظيماً من كثرة البكاء من الرجال والنساء والولدان ، تفرقوا أيدي سبا وتمزقوا كل ممزق ! واقتسموا النساء أيضاً وأصبحت بخارى خاوية على عروشها كأن لم تغن بالأمس وارتكبوا من النساء العظيم والناس ينظرون ويبكون ولا يستطيعون أن يدفعوا عن أنفسهم شيئاً مما نزل بهم ! فمنعهم من لم يرض بذلك واختار الموت على ذلك ، فقاتل حتى قتل ! واستصحبوا معهم من سلم من أهل بخارى أسارى فساروا بهم مشاة على أقبح صورة ، فكل من أعيا وعجز عن المشي قتل ! فلما قاربوا سمرقند قدموا الخيالة وتركوا الرجالة والأسارى والأثقال وراءهم حتى تقدموا شيئاً فشيئاً ليكون أرعب لقلوب المسلمين ، فلما رأى أهل البلد سوادهم استعظموه . . . وأحاطوا بالبلد وفيه خمسون ألف مقاتل من الخوارزمية وأما عامة البلد فلا يحصون