قدوم تيمور أسرع إلى بلاده بعد أن خرب في طريقه كثيراً من المدن والمزارع . . . وعاد توكتاميش بجيش عظيم نحو مملكة تيمور ، ولم يكن مع تيمور سوى عدد قليل من جيشه لأن معظم الجيش كان يحارب الثوار في جهات كيفا وغيرها ، فأشار على تيمور قواده ونصحاؤه بالذهب إلى سمرقند لجمع الجيش والعود إلى قتال توكتاميش فلم يقبل ، وتقدم بجنده القليل نحو جند توكتاميش وراح يدور خلفه ليوهمه أن هناك مدداً عظيماً قادماً إليه من وجهه ! فرجع توكتاميش إلى بلاده وعاد تيمور بجنده إلى جهات كيفا وأرجانج فاستباحها وأعمل فيها السيف والنار ، ونقل من بقي من سكانها إلى سمرقند . . . ولما انتهى من توطيد السلام في مملكته عاد إلى مهاجمة توكتاميش وكان الوصول لتلك البلاد فيه مشقة عظيمة وصعوبة شديدة ، فإن نابليون لما غزا بلاد الروس بعد أربعمائة سنة من هذا العهد تمكن من الاستيلاء على موسكو ، ولكنه فقد أكثر جيشه الكبير فقد كان من المستحيل على جيش مهما كثر عدده وعدده أن يدوخ بلاد الروس ويخرج سالماً لوعورة الأرض وصعوبة المفاوز وقلة الأقوات وبعد الشقة وكثرة الثلوج . والقيصر بطرس الأكبر أرسل جيشاً إلى الجنوب سنة 1716 م . لمحاربة سكان كيفا وبعض التركمان ، وكان طريقه على هذه البلاد التي يقيم فيها توكتاميش . فهلك فيها الجنرال الروسي البرنس بكوتوفيتش مع أكثر جنده وأخذ الباقون أسارى . وكذلك كان مصير جيش آخر بعد سنة من هذه الرحلة وقد هلك أكثره ومات عشرة آلاف جمل ، ومثلها من خيل عربات الزحف ونقل الذخائر . فتقدم تيمور من خصمه بشئ كثير من الحذر ، وانتقل من حصن إلى حصن من الحصون القائمة على الحدود ، حتى اضطرته الثلوج إلى انتظار انتهاء فصل الشتاء فجاءته رسل توكتاميش بالهدايا وطلب الصلح والاعتذار عن الخطأ الذي وقع منه ، فقال لهم تيمور : إن أميركم لما جاءني هارباً ساعدته بالرجال والمال على الخان ، وأرسلت معه جنودي ليجلس على العرش وقد هلك بعضهم بسبب ذلك ، فلما قوي تناسى خدماتي له واقتحم بلادي يهدم مدنها ويقتل أهلها ، ثم أرسل جيشاً ثانياً