الروم متصلاً من جهة الشرق ببلاد التتر ، وأفرج عز الدين عن ركن الدين واستقر في طاعة التتر وسار بيكو في بلاد الروم قبل أن يرجع عز الدين ، فلقيه أرسلان دغمس من أمراء عز الدين فهزمه بيكو إلى قونية ، فأجفل عنها عز الدين إلى العلايا وحاصرها بيكو فملكها . . . واستقر عز الدين وركن الدين في طاعة التتر ، ولهما اسم الملك والحكم للشحنة بيكو . ولما زحف هلاكو إلى بغداد سنة ست وخمسين استنفر بيكو وعساكره ، فامتنع واعتذر بمن في طريقه من طوائف الأكراد الفراسيلية والياروقية ، فبعث إليه هلاكو العساكر ومروا بآذربيجان وقد أجفل أهلها الأكراد فملكوها وساروا مع بيكو إلى هلاكو ، وحضروا معه فتح بغداد وما بعدها ، ولما نزل هلاكو حلب استدعى عز الدين وركن الدين فحضرا معه فتحها ، وحضر معهما وزيرهما معين الدين سليمان البرواناة واستحسنه هلاكو ، وتقدم إلى ركن الدين بأن يكون السفير إليه عنه ، فلم يزل على ذلك . . . . الخ . وبقي أمراء المغل يتعاقبون في الشحنة ببلاد الروم ، وكان منهم أول المائة الثامنة الأمير علي ، وهو الذي قتل ملك الأرمن هيشوش بن ليعون صاحب سيس ، واستعدى أخوه عليه بخربندا فأعداه وقتله . . . الخ . ثم ولَّى السلطان أبو سعيد على بلاد الروم دمرداش بن جوبان سنة ثلاث وعشرين واستفحل بها ملكه وجاهد الأرمن بسيس ، واستمد الناصر محمد بن قلاون صاحب مصر عليهم فأمده بالعساكر وافتتحوا أياس عنوة ورجعوا . ثم نَكَبَ السلطان أبو سعيد نائبه جوبان بن بروان وقتله . . . وبلغ الخبر إلى دمرداش ابنه ببلاد الروم فاضطرب لذلك ، ولحق بمصر في عساكره وأمرائه . . . وكان دمرداش لما هرب من بلاد الروم إلى مصر ترك من أمرائه أرتنا ، وكان يسمى النوير اسم أبناء الملوك فبعث إلى أبي سعيد بطاعته ، فولاه على البلاد فملكها ونزل سيواس واتخذها كرسي ملكه . . . الخ . ( ابن خلدون : 5 / 558 ) .