وقال ابن الجوزي في المنتظم : 5 / 28 : ( وفي أول يوم من شوال حضر الموكب النقباء والأشراف والقضاة والشهود ، فنهض بعض المتفقهة وأورد إخباراً في مدح الصحابة وقال : ما بال الجنائز تمنع من ذكر الصحابة عليها بمقابر قريش وربع الكرخ ؟ والسنة ظاهرة ويد أمير المؤمنين قاهرة ؟ ! فطولع بما قال فخرج التوقيع بما معناه : أنهيَ ما ارتكب بمقابر قريش من إخمال ذكر صاحبي رسول الله ( ص ) وتورطهم في هذه الجهالة ، واستمرارهم على هذه الضلالة ، التي استوجبوا بها النكال واستحقوا عظيم الخزي والوبال ، وإنما يتوجه العتب في ذلك نحو نقيب الطالبيين ، ولولا ما تدرَّع به من جلباب الحكم وأسباب يتوخاها ، لتقدم في فرضه ما يرتدع به الجهال ، فليؤجر بإظهار شغل السنة في مقابر باب التبن ورَبْع الكًرْخ من ذكر الصحابة على الجنائز ، وحثهم على الجمعة والجماعة ، والتثويب بالصلاة خير من النوم ، وذكر الصحابة على مساجدهم ومحاريبهم أسوة بمساجد السنة ، والتقدم بمكاتبة ابن مزيد ( الشيعي حاكم الحلة والمشهدين النجف وكربلاء ) ليجري على هذه السيرة في بلاده ، فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أمره أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) . أقول : أنظر إلى أسلوب الخلافة العدواني وأن حيثية هذا المرسوم الخلافي هو : إخمال ذكر الصحابة ، ومعناه أن الشيعة في مساجدهم ومناطقهم يذكرون أهل البيت عليهم السلام ، ولا شغل لهم بغيرهم ، فاعتبر ذلك إخمالاً لذكر أبي بكر وعمر وعثمان الذين يجب إحياء ذكرهم ! فحيثية المرسوم أن ذكر أبي بكر وعمر واجب ( والسنة ظاهرة ويد أمير المؤمنين قاهرة ) ؟ ! أي قادرة على إجبار الشيعة على مذهب الحكومة ! ومعناه أنه كلما أمكن الإجبار بالقوة وجب ! وهذه سياسة أتباع أبي بكر وعمر وبني أمية ، إلى يومنا هذا ! ولا تعجب من ذلك فقد كانت سياسة الخلافة عدوانية ضد الشيعة وكانت تحرك لها الغوغاء ومؤرخوها يغطون جرائمها ويبكون من ظلم الشيعة لهم !