واضطهادهم وظلمهم وتقتيلهم في كل أرض وتحت كل نجم . ولَمَا وجد دويُّ هذه ( التراجيديا ) الدينية العميق في وجدان الأمة ، ولا تكوَّن مخزونها الفاعل في ضميرها ، وصار طاقة تحركها باتجاه التغيير والثورة . إن كل ما نراه اليوم من غنى وتحفز في ثقافة الأمة ، وهذا التطلع من مفكري الأمة ومثقفيها للتعرف على قضية أهل البيت وأطروحتهم عليهم السلام . . إنما جاء من قناعة الأمة بأن فكر الخلافة والإجبار قد استنفد طاقته ، فهي تبحث عن بديله التاريخي عند أهل البيت عليهم السلام . وبهذا المنظار ، نجد أن التشيع كان في تاريخ الأمة وما زال ، مضخةً تُجدد دروتها الدموية كلما انخفض ضغط الأمة من تراكم الفساد وتفاقم المرض ! ونفحةً نبوية تُرَوْحِنها ، كلما دفعها هجيرها البدوي نحو اليَبَس ! ألا ترى كيف تَخَثَّر المخزون الديني والروحي والإنساني في أواخر خلافة عثمان ؟ فثار الصحابة وولوا علياً عليه السلام فأيقظ حيويتها وأغنى مخزونها ؟ ثم كيف انخفض مستوى الأمة الإنساني في زمن يزيد ، فأحيا مسيرتها الإمام الحسين عليه السلام بدمه الطاهر ، ودماء الطالبين بثاره ، وأجَّجَ فاعليتها ؟ ! والى أيِّ مستوىً هابط وصلت الأمة بتهتك خلفاء بني أمية ، فضَخَّت فيها ثورة زيد بن علي رحمه الله وشعارات الحسنيين والعباسيين بثارات الحسين وظلامات أهل البيت عليهم السلام ، روحَ الثورة والتغيير والتجديد ؟ وعندما أفرط ملوك بني عباس بطغيانهم ، كيف مدَّت ثورات العلويين الأمة بالقيم ، وعلمتها انتزاع حقها في الثورة والتغيير ؟ وعندما غرقت الدولة العباسية في أفكار المادية اليونانية والفارسية ، كيف أثرى الإمام الرضا عليه السلام مخزونها من صريح الإسلام ووحي النبوة ؟