سرعان ما انتهى وتبنى الطاغية المنصور نفس سياسة بني أمية ، وزاد عليها ! ثم كانت مرحلة صراع أبناء هارون الرشيد على خلافته فتبنى المأمون التشيع النظري ، وفرض على الإمام الرضا عليه السلام القبول بولاية عهده ليغيض العباسيين الذين عزلوه ! ونتج عنه هامش حرية للإمام عليه السلام وشيعته ، وظهر منه العلوم والمعجزات فكانت دفعة جديدة من روح الدين والإنسانية في الأمة . وقد تحول هذا التراكم الشيعي مع السنين إلى مخزون في وجدان الأمة اتسع بسببه التشيع لأهل البيت عليهم السلام ، حتى تمثل بقيام دولة لهم في طبرستان في شمال إيران وفي في اليمن . ثم تمثل بثورة البويهيين الشيعة في إيران ، فاكتسحوا بغداد وفرضوا على الخليفة الاعتراف بقائدهم سلطاناً وحاكماً للدولة الإسلامية كلها ، وجعلوا الخليفة أشبه بموظف عندهم ! وكان حكمهم على سيئاته دفعة في الانفتاح والحرية والاحترام النسبي للإنسان ، خاصة أنه تزامن مع نشوء الدولة الفاطمية التي كانت تتبنى التشيع وحرية المذاهب ، وترفع شعار احترام الإنسان المسلم . واستمرت حالة الأمة على ذلك حتى سقطت الدولة البويهية بيد السلاجقة الأتراك المتعصبين ، وسقطت الدولة الفاطمية بيد الأكراد السنة المتعصبين ثم مماليكهم ! ومن عجائب حيوية التشيع والحرية فيه ، أنه حتى بعد سقوط البويهيين في العراق وسقوط النظام الفاطمي الشيعي الإسماعيلي في مصر ، احتفظ التشيع بجاذبيته فتبنت الخلافة العباسية في بغداد مذهب التشيع على يد الخليفة العباسي الناصر ، وكان ذلك معاصراً لتحريم التشيع في مصر وإبادة الشيعة بمقابر جماعية على يد صلاح الدين ونائبه قراقوش ، الذي ما زال يضرب به المثل ! ثم عادت بعد الخليفة الناصر سياسة التعصب السني ، وعاد الاضطهاد المذهبي العباسي حتى الغزو المغولي وقيام الدولة الشيعية بتوجيه نصير الدين قدس سرّه . إن الحكم والنفوذ الشيعي كان دائماً يحارب الاضطهاد المذهبي ويعمل لتحقيق الحرية المذهبية له ولغيره ، والى هذا وجه مراجعهم السلاطين المغول الشيعة ،