المقدسة في شريعة الإسلام . كيف يجبر أحداً وهو التقيُّ الذي يخاف أن يعصي ربه في نملة يسلبها جلب شعير ، فكيف بالتعدي على حق إنسان له كرامته وحرمته عند الله ؟ ! قال عليه السلام : ( والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت ، وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها ! ما لعليٍّ ولنعيم يفنى ولذة لا تبقى ) ! ( نهج البلاغة : 2 / 18 ) ( قالوا له : إن عبد الله بن عمر وسعد بن وقاص وأسامة بن زيد تخلفوا عن بيعته ، واستأذنه عمار بن ياسر أن يأتي بهم ليجبرهم على البيعة كما جرت سنة قريش ! فقال له : دع عنك هؤلاء الرهط الثلاثة ، أما ابن عمر فضعيف في دينه وأما سعد بن أبي وقاص فحسود ، وأما محمد بن مسلمة فذنبي إليه أني قتلت قاتل أخيه ، مرحباً يوم خيبر ) . ( المعيار والموازنة للإسكافي / 108 ) . ولذلك كان علي عليه السلام الخليفة الوحيد الذي أعطى الحرية لمعارضيه وناقديه والعاملين ضده ، ولم ينقص من حقوقهم من بيت المال ولا غيره شيئاً ، حتى دعوا إلى الثورة عليه وشتموه في وجهه ! ( كان عليه السلام جالساً في أصحابه فمرت بهم امرأة جميلة فرمقها القوم بأبصارهم فقال عليه السلام : إن أبصار هذه الفحول طوامح وإن ذلك سبب هُبابها ، فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليلامس أهله ، فإنما هي امرأة كامرأة ! فقال رجل من الخوارج : قاتله الله كافراً ما أفقهه ! فوثب القوم ليقتلوه فقال عليه السلام : رويداً إنما هو سبٌّ بسب أو عفوٌ عن ذنب ) . ( نهج البلاغة : 4 / 98 ) . وبهذه الحرية التي أعطاها أمير المؤمنين عليه السلام لخصومه فَضَحَ القرشيين الذين قتلوا المسلمين على الكلمة وبطشوا فيهم على التهمة ، وجعلوا شيخ القبيلة رئيس الدولة أعظم حرمةً من الله تعالى ورسله عليهم السلام ! ومن هنا كان علي عليه السلام هو الخليفة الوحيد الذي لم يُجبر أحداً على الحرب معه ، بل ندب المسلمين إلى نصرته وأوضح لهم حقه وباطل أعدائه ، فاستجاب له من أراد وتخلف عنه من أراد ! ولم يُنقص من حقوقهم شيئاً ! ففضح بذلك سياسة إجبار