المستنصرية من مدرسة للمذاهب الأربعة إلى مدرسة لمذهب الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، لكن تفكير المحقق الطوسي قدس سرّه والعلامة الحلي قدس سرّه كان عميقاً فهم من جهة لا يوافقون على سياسة فرض المذهب ، ومن جهة يريدون المحافظة على استقلالية المرجعية والحوزة العلمية والجهاز الديني الشيعي عن السلطة ، أي سلطة حتى لو كانت شيعية . لذلك قرروا إبقاء مؤسسات المذاهب الأربعة كما كانت ، فتركوا لها المدرسة المستنصرية وأوقافها الواسعة ومبالغها الهائلة ! قال الذهبي في تاريخه : 46 / 7 : ( رأيت نسخة كتاب وقفها ( المستنصرية ) في خمسة كراريس ، والوقف عليها عدة رباع وحوانيت ببغداد ، وعدة قرى كبار وصغار ما قيمته تسعمائة ألف دينار فيما يخال إليَّ ، ولا أعلم وقفاً في الدنيا يقارب وقفها أصلاً سوى أوقاف جامع دمشق ، وقد يكون وقفها أوسع ) . وقال في سيره : 23 / 157 : ( بلغ مغلُّ وقف المستنصرية مرة نيفاً وسبعين ألف دينار في العام ) . انتهى . ولم يستفد الشيعة من ماليتها لأوقافهم بفلس واحد ! واتجهوا بدل ذلك إلى تقوية المؤسسات الشيعية الأهلية كالحوزات والمساجد والمشاهد ، وإنشاء مؤسسات كمؤسسة دور السيادة التي أنشأها السلطان محمد خدابنده لخدمات السادة من ذرية النبي صلى الله عليه و آله . وبذلك تعرف أن الحرية المذهبية جزءٌ من فكر المذهب الشيعي وقناعة فقهائه ، وهي التي حققت النجاح للسلطة التي تنتمي إلى مذهب التشيع . وكذلك كانت سياسة الحكم الشيعي بعد الجوينينن . قال السيد المرعشي في شرح إحقاق الحق : 7 / 402 : ( ولا يخفى على من تأمل في تواريخ الدولة القاهرة الإيلخانية المنسوبة إلى السلطان الفاضل السعيد أولجايتو محمد خدابنده ، أن زمانهم أكثر تربية للأولياء والعلماء الحكماء والفقهاء ، وكان معاصر المصنف العلامة خلق كثير كنجم الدين عمر الكاتبي ، القزويني ، والقاضي