هؤلاء القوم قد جاؤوا بزي التجار وما قصدهم إلا إفساد الحال وأن يجسوا البلاد ، فإن أذنت لي فيهم فأذن له بالاحتياط عليهم وقبض عليهم واصطفى أموالهم ! فوردت رسل جنكز خان إلى خوارزم شاه تقول : إنك أعطيت أمانك للتجار فغدرت ، والغدر قبيح ، وهو من سلطان الإسلام أقبح ، فإن زعمت أن الذي فعله خالط بغير أمرك فسلمه إلينا ، وإلا فسوف تشاهد مني ما تعرفني به . فحصل عند خوارزم شاه من الرعب ما خامر عقله فتجلد وأمر بقتل الرسل فقتلوا ! فيا لها حركة لما هدرت من دماء الإسلام ! أجرت بكل نقطة سيلاً من الدم ، ثم إنه اعتمد من التدبير الردئ لما بلغه سير جنكز خان إليه أنه أمر بعمل سور سمرقند ثم شحنها بالرجال ، فلم تغن شيئاً وولت سعادته وقضي الأمر ) . ونحوه العصامي / 216 ، وغيره . الدراسات الحديثة عن المغول صدرت في عصرنا عدة دراسات عن المغول ، لباحثين مسلمين وغربيين ، تصل إلى عشرين مؤلفاً وعشرات المقالات ، لكن القليل منها يتصف بالموضوعية وإنصاف الشيعة ، لأن الباحثين يرددون اتهام ابن تيمية للشيعة بأن الوزير الشيعي محمد بن العلقمي رحمه الله قد تآمر مع المغول ودعاهم إلى احتلال بغداد ! مع أن ابن تيمية معروف بعدائه للشيعة ، ومع أن المؤرخين المعاصرين للحادثة نفوا ذلك كالفوطي الحنبلي ! وسبب كثرة الكتابة المعاصرة عن المغول أن حملتهم على البلاد الإسلامية تزامنت مع الحملات الصليبية ، وأن لويس التاسع ملك فرنسا وبابا المسيحية كليمنصو الرابع وغيرهما اتصلوا بالمغول من أجل التحالف أو التعاون معهم لاحتلال البلاد الإسلامية الأمر الذي جعل عدداً من الغربيين ينشرون وثائق ذلك العصر ويكتبون عنه ، فقلدهم بعض المسلمين . والسبب الثاني ، أن الفترة التي حكم فيها القادة المغول الشيعة في العراق ، كانت بالقياس إلى ما قبلها وما بعدها مميزةً بازدهارها العمراني والثقافي وحريتها المذهبية والعامة ، وأهمية كتبها ومكتباتها ، وهو أمرٌ ألفتَ الباحثين ولكنهم لم يفصحوا عن سببه الحقيقي وهو أن الحكم الشيعي أعطى الحرية ، بينما مارس