الطيور واستولت عليه النساء ، وكان ضعيف الرأي قليل العزم كثير الغفلة عما يجب لتدبير الدول . وكان إذا نُبِّهَ على ما ينبغي أن يفعله في أمر التاتار ، إما المداراة والدخول في طاعتهم وتوخي مرضاتهم ، أو تجييش العساكر وملتقاهم بتخوم خراسان قبل تمكنهم واستيلائهم على العراق ، فكان يقول : أنا بغداد تكفيني ، ولا يستكثرونها لي إذا نزلت لهم عن باقي البلاد ! ولا يهجمون عليَّ وأنا بها ، وهي بيتي ودار مقامي ! فهذه الخيالات الفاسدة وأمثالها عدلت به عن الصواب ، فأصيب بمكاره لم تخطر بباله » . انتهى . أقول : هذه هي شخصية الخليفة ، وهذه هي بطانته التي جاءت به ، ثم أدارت أموره ! فهل ترى فرقاً بين منطقهم ومنطق مدمني الخمر والمخدرات ؟ ! فاعجب للذين يريدون تبرئة هؤلاء السكارى الخوَّارين ، ويلقون بجريمتهم على شيعي تقي نزيه ، لا يسكر ولا يسرق ، هو محمد بن العلقمي ( رحمه الله ) ! فأين كان ابن العلقمي عندما كانت مقدرات الخلافة بيد ( الدويدار والشرابي والكبار ) على حد تعبير الذهبي ، وعندما فرضوا مستعصمهم الخمار سنة 640 ، قبل سقوط بغداد بخمس عشرة سنة ؟ ! قال في النجوم الزاهرة : 6 / 345 : « وخطب له يومئذ بالجامع حتى أقبل شرف الدين إقبال الشرابي ومعه جمع من الخدام ، وسلم على ولده المستعصم بالله أمير المؤمنين ، واستدعاه إلى سدة الخلافة ، ثم عرَّف الوزير وأستاذ الدار ، ثم طلبوا الناس وبايعوه بالخلافة ، وتم أمره » . وقد تسأل : فكيف استوزروا ابن العلقمي ؟ والجواب : أنهم كانوا محتاجين إلى رئيس وزراء إداري كفوء مخلص ، وكان ابن العلقمي معروفاً بذلك .