وكان من أفجع ما لقيه جبل عامل في تلك المحنة نهب مكتباته نهباً عاماً ، وحمل كتبها إلى عكا . . إلى أصحاب الأفران يوقدون بها أفرانهم » ! في تلك المدة هاجر العديد من علماء جبل عامل وبلاد الشام إلى إيران والهند هرباً من سيف بني أمية العثماني ، وكان أشهر المهاجرين المحقق الكركي ( قدس سره ) وهو معاصر للسلطان سليم وتوفي سنة 940 ، وكان المرجع الديني لإيران في زمن الشاه إسماعيل والشاه طهماسب ، وله مؤلفات وأجوبة استفتاءات تعطينا أضواء مهمة عن حالة الشيعة في عصره في إيران ، وتحت حكم الدولة العثمانية . ومنهم العبقري الشيخ محمد بن حسين بن عبد الصمد العاملي الحارثي الهمداني المعروف باسم الشيخ البهائي ( قدس سره ) ، المعاصر للشاه طهماسب والشاه عباس ، توفى 1031 ، كان نابغةً في عدد من العلوم ، وله مؤلفات مهمة ، وآثارٌ معمارية هندسية متميزة . ومنهم الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي ( قدس سره ) ( 1033 - 1104 ) وهو معاصر للمجلسي صاحب البحار ( قدس سره ) ، كان مرجعاً في إيران ، وأشهر كتبه الموسوعة الفقهية : وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة . * * نشأتُ في وسط جبل عامل من جنوب لبنان ، وسمعتُ من كبار السن قصصاً عن الحكم العثماني ، ويسمونه الحكم العُصْمَلِّي ! وقصص غارات ( الجَنْدِرْمَا ) على قرانا ، وتعاملهم المغولي مع أهلها ، وفرضهم البقشيش بدون سبب ! ويبقى ذلك أهون من إجبارهم الناس على الجندية في الجيش العثماني ، حيث