وعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمته ببلاد كسرى وقيصر ، ودفع الأمة باتجاهه بحيث أن سياسة الفتوحات فرضت نفسها على الحاكم بعده ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد كتبنا عن تخوف أبي بكر وعمر من الفتوحات وإصرار علي ( عليه السلام ) عليها ودوره فيها ، فاتسعت رقعة الدولة ودخلت الشعوب أفواجاً في الدين الجديد ! ولولا هذه السياسة لأكلت قبائل الجزيرة بعضها باسم الإسلام وأماتوه ! كيف لا ، وهم الذين أكلوا بعضهم في صراعات تافهة وحروب خاسرة ، لأجل متاع بألف درهم ، أو لأجل عنفوان قبلي فارغ ؟ ! ولولا أهل البيت ( عليهم السلام ) لما عرفت الأمة الإجتهاد والعقل والانفتاح على العلوم . ولولا علي ( عليه السلام ) لمَا كان مشروع إعادة العهد النبوي واستنقاذ الأمة من بني أمية ! ولولا الحسين ( عليه السلام ) لَمَا انفتح باب الثورة في هذه الأمة على ظلم الحاكم . ولولا جهاد علي والعترة النبوية الطاهرة ( عليهم السلام ) واضطهادهم وتقتيلهم في كل أرض وتحت كل نجم ، لَمَا وجد دويُّ هذه ( التراجيديا ) الإنسانية في وجدان الأمة ، ولا تكوَّن مخزونها الفاعل في ضميرها ، فكان طاقة تحركها باتجاه التغيير . لقد كان التشيع في تاريخ الأمة وما زال مضخةً تُجدد دمها من تراكم الفساد والمرض ! ونفحةً نبوية تُرَوْحِنها كلما دفعها هجير الحاكم نحو اليَبَس ! ألا ترى كيف تَخَثَّر المخزون الديني والروحي والإنساني في أواخر حكم عثمان بن عفان ، فثار الصحابة وولوا علياً ( عليه السلام ) فأيقظ حيويتها وأغنى مخزونها ؟ ثم كيف انخفض مستوى الأمة الإنساني في زمن يزيد ، فأحياها الإمام الحسين