أما أهل البيت النبوي الذين أذهب الله عنهم الرجس ، واختارهم للنبوة والإمامة ( عليهم السلام ) ، فهم ينضحون بما فيهم من الإنسانية واحترام الإنسان وإن خالفهم بالرأي ، وعدم إجبار الناس على موافقتهم ، والتعايش مع المخالفين بسعة صدر ، والتمسك في نفس الوقت بعقيدتهم وقيمهم ، والعمل لها بحكمة وعقل حسب أحكام الإسلام ، ثم التضحية من أجلها إذا لزم الأمر . وعلى نهج بني هاشم سار شيعتهم ، وعلى نهج بني أمية سار شيعتهم ، ولو تأملت في التاريخ لرأيت أن أهل البيت ( عليهم السلام ) ضَخُّوا في الأمة دم البقاء ، وكانوا دفعاً متواصلاً لحقوق الإنسان المسلم ، وسقياً لحريته في العقيدة والتعبير ! وقد أسس هذه السياسة علي ( عليه السلام ) ، فعمل لإعادة العهد النبوي في احترام الإنسان ولم يكن في سياسته إجبار لأحد على بيعته ، ولا حطبٌ ولا حرقُ بيوت ! وكيف يجبر عليٌّ أحداً على بيعةٍ وهو الإنسان النبيل أباً عن جد ، والمؤمن بما أنزل على محمد ، وفي أوله حقوق الإنسان . وهو التقيُّ الذي لا يعصي ربه بالاعتداء على حق إنسان ، بل ولا حشرة . قال ( عليه السلام ) : « والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت ، وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها ! ما لعليٍّ ولنعيم يفنى ولذة لا تبقى » ! ( نهج البلاغة : 2 / 18 ) . وقد اتسع صدر علي ( عليه السلام ) لمخالفيه ، فكان الخليفة الوحيد الذي أعطاهم الحرية ولم ينقص من حقوقهم من بيت المال ولا غيره شيئاً ، حتى ولو دعوا إلى الثورة عليه وشتموه في وجهه ! « كان ( عليه السلام ) جالساً في أصحابه فمرت بهم امرأة جميلة