وعندما وجد محمد الجويني وأولاده تبناهم ودعمهم عند هولاكو ، وحماهم من غضبه وبطشه ، حتى كانوا وزراءه وحكام العراق لأكثر من عشرين سنة ، فأعادوا عمرانه بأحسن مما كان في زمن الخلافة العباسية ! وعندما رأى الغلام ابن الفوطي بيد المغول ، خلصه منهم ، وعلمه ووظفه ! وعندما رأى المشايخ آل الحموئي ، قوَّى موقعهم عند هولاكو وأولاده ، فكان إسلام عدد من شخصيات المغول على أيديهم ! وكم اختار من أطباء ومهندسين وفلكيين وسياسيين ، وكان يرسل مبعوثيه وهديته المناسبة إلى أحدهم ، ولو كان في قطر بعيد ، ويطلب منه الحضور معززاً مكرماً ، ويوفر له لوازم معيشته ، ويفتح له أبواب العلم والعمل ! وكم جاء بنوابغ في العلوم من أقاصي البلاد ومن القرى والرساتيق ! رووا أن قطب الدين الشيرازي محمود بن مسعود وصل إلى مستوى خليفة نصير الدين في الطب : « كان من كبار تلامذة النصير الطوسي وكان مبجلاً عند التتار وجيهاً متواضعاً حليماً » . ( الدرر الكامنة : 2 / 118 ) وقال في : 6 / 100 : « محمود بن مسعود بن مصلح الفارسي قطب الدين الشيرازي الشافعي العلامة ، ولد في شيراز سنة 634 ، وكان أبوه طبيباً فقرأ عليه وعلى عمه وعلى الزكي البركشائي والشمس الكتبي ، ورُتِّبَ طبيباً بالمرستان وهو شاب ، ثم سافر إلى النصير الطوسي فقرأ عليه الهيئة وبحث عليه الإشارات وبرع . قال له أبغا بن هلاوو ( هولاكو ) : أنت أفضل تلامذة النصير وقد كبر ، فاجتهد أن لا يفوتك شئ من علومه ، فقال له : قد فعلت وما بقي لي به حاجة ، ثم دخل الروم فأكرمه صاحبها وولي قضاء سيواس وملطية ، وقدم الشام رسولاً من جهة أحمد ، ثم أكرمه أرغون ، وسكن تبريز وأقرأ بها العلوم العقلية ، وحدث بجامع الأصول . . وكان دخله في العام ثلاثين ألفاً ، فكان لا يدخر منها شيئاً بل