ومن معه من عبيد أبي ، جهلوا قدرهم ونسوا أنهم عبيد وأنا مولاهم ، وكفروا نعم آبائي لديهم ، فاعتدوا عليَّ وأرادوا قتلي . فهممت أن أفزع إلى مثلك فأعتصم بفضلك ، وأكون خاضعاً لك ، لأن الخضوع لملك مثلك وإن كان عدواً أيسر من الوقوع في أيدي العبيد المردة ، ولأن يكون موتي على أيدي الملوك أفضل وأقل عاراً من أن يجري على أيدي العبيد . ففزعت إليك ثقةً بفضلك ، ورجاء أن تترأف على مثلي وتمدني بجيوشك لأقوى بهم على محاربة العدو ، وأصير لك ولداً سامعاً ومطيعاً إن شاء الله تعالى . فلما قرأ موريقي كتاب كسرى بن هرمز عزم على إجابة مسألته ، لأنه لجأ إليه وأنجده بعشرين ألفاً ، وسيَّر له من الأموال أربعين قنطاراً ذهباً . وكتب إليه كتاباً نسخته : من موريقي عبد إيشوع المسيح ، إلى كسرى ملك الفرس ولدي وأخي . السلام . أما بعد فقرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه من أمر العبيد الذين تمردوا عليك ، وكونهم غمطوا أنعم آبائك وأسلافك غمطاً وخروجهم عليك ودحضهم إياك عن ملكك . فداخلني من ذلك أمرً حركني على الترأف بك وعليك ، وإمدادك بما سألت . فأما ما ذكرت من أن الاستتار تحت جناح ملك عدو والإستظلال بكنفه ، آثر من الوقوع في أيدي العبيد المردة ، والموت على أيدي الملوك أفضل من الموت على أيدي العبيد . فإنك اخترت أفضل الخصال ورغبت إلينا في ذلك ، فقد صدقنا قولك وقبلنا كلامك ، وحققنا أملك ، وأتممنا بغيتك ، وقضينا حاجتك وحمدنا سعيك ، وشكرنا حسن ظنك بنا ، ووجهنا إليك بما سألت من الجيوش والأموال ، وصيرتك لي ولداً وكنت لك أباً .