قوم لا أرجع عنه حتى أرجع إليهم ، فضحك وقال : إِنَّكَ لا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ . يا أخا تنوخ إني كتبت بكتابي إلى كسرى فمزقه ، والله ممزقه وممزق ملكه ، وكتبت إلى النجاشي بصحيفة فخرَّقها والله مخرقه ومخرق ملكه ، وكتبت إلى صاحبك بصحيفة فأمسكها فلن يزل الناس يجدون منه بأساً ، ما دام في العيش خير . قلت : هذه إحدى الثلاثة التي أوصاني بها صاحبي ، وأخذت سهماً من جعبتي فكتبتها في جلد سيفي . ثم ناول الصحيفة رجلاً عن يساره . . فإذا في كتاب صاحبي : تدعوني إلى جنة عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ، فأين النار ؟ فقال : سبحان الله ، أين الليل إذا جاء النهار ؟ قال فأخذت سهماً من جعبتي فكتبته في جلد سيفي » . ( سبل الهدى : 11 / 356 ) . وقد علق النبي ( صلى الله عليه وآله ) على ادعاء هرقل أنه مسلم مؤمنه بنبوته ، فقال : كذب بل هو على نصرانيته » . ( مكاتيب الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : 2 / 410 ، وفتح الباري : 1 / 35 ) . وصدق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقد قتل هرقل حاكم عَمَّان لأنه أسلم ، وقتل مبعوث النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى حاكم بصرى ، وقتل يوحنا حاكم إيلات ، لأنه وقع مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) معاهدة صلح ! قال الواقدي في المغازي / 615 : « وقدم يُحَنَّه بن رؤبة على النبي ( صلى الله عليه وآله ) وكان ملك أيلة وأشفقوا أن يبعث إليهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كما بعث إلى أكيدر . وأقبل معه أهل جرباء وأذرح فأتوه فصالحهم ، فقطع عليهم الجزية جزية معلومة وكتب لهم كتاباً : بسم الله الرحمن الرحيم هذا أمَنَةً من الله ومحمد النبي رسول الله ، ليُحَنَّهْ بن رؤبة وأهل أيلة لسفنهم وسائرهم في البر والبحر ، لهم ذمة الله وذمة محمد